كان رجال لبنان القدماء رجال جد وعمل، كانوا حتى في القرن الثامن عشر يحسنون اللغة العربية والسريانية والعبرانية واللاتينية والطليانية والفرنسية، ومع ذلك ترجموا اللاهوت الأدبي والنظري والحق القانوني، وما يحتاجون إليه، وعلموه أبناءهم، ترجموا الأنطوين والليكوري والغوري، فكتب القديس توما الأكويني، ولم يكلفوا كهنتهم تعلم اللاهوت باللغات الأجنبية كما نفعل نحن اليوم.
إننا نحمل أبناءنا خرجا فلسفيا، وخرجا أدبيا، وخرجا جغرافيا وتاريخيا، إحدى عينيه عربية، والأخرى فرنجية، ثم نقول لهم: أسرعوا عجلوا، أتقضون العمر في المدرسة؟ وبعدئذ نلومهم إذا قصروا وخرجوا من دروسهم خروج الشعرة من العجين ... وكيف لا يقصر في العقبة من حملوا مثل هذا الخرج؟ بل هذه الأخراج؟
وبعد تلك الاحتجاجات والصيحات قالوا لنا: إنهم يعدلون المنهاج، فانتظرنا وانتظرنا ... وأخيرا ظهر، ولكن كيف؟
أعيد المنهاج سيرته الأولى.
كنا نشكو من تدريس تسعة وعشرين كاتبا وشاعرا، فعدنا ندرس مائة وأكثر؛ لأن المسيطرين على وزارة التربية هم هم، وأكبر همهم أن يعيدوا المنهاج إلى كيانه الأول الذي وضع عام 1929م.
وكان الله في عون الطلاب، وكيف لا يسقطون ألوفا في ساحة الامتحان يا أخي؟
إذا شئت أن تطاع؛ فسل ما يستطاع.
لقد ذهب الأستاذ صدقة وفي قلبه شيء من حتى، فعسى أن يوفق الأستاذ صوايا إلى تعديل المنهاج كما يجب.
إن هذا المنهاج الذي حاول صدقة أن ييسره، ولم يفسح له في المجال؛ فعسى أن يقدر عليه صوايا.
إن ذلك ممكن إذا لم يصطدم بالانتفاعيين الانتهازيين الذين يحسبون وزارة التربية حقل تجربة واختبار، أو مزرعة يطبقون عليها قول المثل اللبناني: «كل يزرع حقله بعقله.» أما التربية وعقول أبنائنا فليست في حسابهم.
Shafi da ba'a sani ba