Munasabat al-Ayat wa al-Suwar
مناسبات الآيات والسور
Mai Buga Littafi
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Nau'ikan
المقتضية نزول القرآن متخالفة باعتبار نفسها بل وقد تكون متناقضة كتحريم أمر كان حلالًا وتحليل أمر كان حرامًا، وإثبات أمر لشخص أو أشخاص يناقض ما كان قد ثبت لهم قبله.
وتارة يكون الكلام مع المسلمين وتارة مع الكافرين وتارة مع من مضى وتارة مع من حضر وحينًا في عبادة وحينًا في معاملة ووقتًا في ترغيب ووقتًا في ترهيب وآونة في بشارة وآونة في نذارة وطورًا في أمر دنيا وطورًا في أمر آخرة ومرة في تكاليف آتية ومرة في أقاصيص ماضية، وإذا كانت أسباب النزول مختلفة هذا الاختلاف ومتباينة هذا التباين الذي لا يسير معه الأئتلاف، فالقرآن النازل فيها هو باعتبار نفسه مختلف كاختلافها، فكيف يطلب العاقل المناسبة بين الضب والنون والماء والنار والملاح والملاح والحادي وهل هذا إلا من فتح أبواب الشك وتوسيع دائرة الريب على من في قلبه مرض أو كان مرضه مجرد الجهل والقصور فإنه إذا وجد أهل العلم يتكلمون في التناسب بين جميع آي القرآن بليغًا معجزًا إلا إذا ظهر الوجه المقتضي للمناسبة وتبين الأمر الموجب للارتباط فإن وجد الاختلاف بين الآيات فرجع إلى ما قاله المتكلمون في ذلك فوجده تكلفًا محضًا وتعسفًا بينًا انقدح في قلبه ما كان عنه في عافية وسلامة.
هذا على فرض أن نزول القرآن الكريم كان مرتبًا على هذا الترتيب الكائن في المصحف وكل من له أدنى علم بالكتاب وأيسر حظ من معرفته يعلم علمًا يقينًا أنه لم يكن كذلك، ومن شك في هذا وإن لم يكن مما يشك فيه أهل العلم رجع إلى كلام أهل العلم العارفين بأسباب النزول المطلعين على حوادث النبوة فإنه ينثلج صدره ويزول عنه الريب بالنظر في سورة من السور المتوسطة فضلًا عن المطولة لأنه لا محالة يجدها مشتملة على آيات نزلت في حوادث مختلفة وأوقات متباينة لا مطابقة بين أسبابها وما نزلت فيها في الترتيب بل يكفي المقصر أن يعلم أن أول ما نزل: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ وبعده ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ وينظر أين موضع هذه الآيات والسور في ترتيب المصحف؟ وإذا كان الأمر
10 / 42