Munasabat al-Ayat wa al-Suwar
مناسبات الآيات والسور
Mai Buga Littafi
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Nau'ikan
المحتملة أرجحها فمن تدبر القرآن في ضوء النظام فلا شك أنه لا يخطئ في فهم معانيه وذلك لأن النظام قد يبين له سمت الكلام وينفي عنه تشاكس المعاني ويرد الأمور إلى الوحدة ويسد أبواب الدخول فيه للأهواء حتى يجبره ألا يأخذ إلا بصحيح التأويل ولا يعتمد إلا عليه وهو أعظم مطلوب.
ويقول الدكتور محمد عبد الله دراز في كتابه (النبأ العظيم):
"إنك لتقرأ السورة الطويلة المنجمة يحسبها الجاهل أضغاثًا من المعاني حشيت حشوًا وأوزاعا من المباني جمعت عفوًا فإذا هي - لو تدبرت - بنية متماسكة قد بنيت من المقاصد الكلية على أسس وأصول وأقيم على كل اصل منها شعب وفصول وامتد من كل شعبة منها فروع تقصر أو تطول فلا تزال تنتقل بين أجزائها كما تنتقل بين حجرات وأفنية في بنيان واحد قد وضع رسمه مرة واحدة، لا تحس بشيء من تناكر الأوضاع في التقسيم والتنسيق، ولا بشيء من الانفصال في الخروج من طريق إلى طريق بل ترى بين الأجناس المختلفة تمام الألفة كما ترى بين آحاد الجنس الواحد نهاية التضام والالتحام كل ذلك بغير تكلف ولا استعانة بأمر خارج المعاني أنفسها وإنما هو حسن السياقة ولطف التمهيد في مطلع كل غرض ومقطعة وأثنائه يريك المنفصل متصلًا والمختلف مؤتلفًا.
ولماذا نقول إن هذه المعاني تتسق في السورة كما تتسق الحجرات في البنيان؟ لا بل إنها لتلتحم فيها كما تلتحم الأعضاء في جسم الإنسان، فبين كل قطعة وجارتها رباط موضعي من أنفسهما كما يلتقي العظمان عند المفصل ومن فوقها تمتد شبكة من الوشائج تحيط بهما عن كثب كما يشتبك العضوان بالشرايين والعروق والأعصاب ومن وراء ذلك كله يسري في جملة السورة اتجاه معين وتؤدي بمجموعها غرضًا خاصًا، كما يأخذ الجسم قوامًا واحدًا ويتعاون بجملة على أداء غرض واحد مع اختلاف وظائفه العضوية".
10 / 48