155
كلامهم؛ ألا ترى أنَّ١ قول الراجز٢: هَلْ تَعرِفُ الدَّارَ؛ لأُمِّ الخَزرَجِ ... مِنها، فظَلْتَ اليَومَ كالمُزَرَّجِ أراد: سكران كالذي يشرب٣ الزَّرَجُون. وكان القياس أن يقول "كالمُزَرْجَنِ"٤؛ لأنَّ نون "زَرَجون" أصليَّة. لكنه حذف النون؛ لأنَّ الكلمة٥ أعجميَّة، والعرب قد تُخلّطُ في اشتقاقها من الأعجميِّ كما تقدَّم. فإِن قيل: فهلَّا قلتم [٢٤ ب]: إنَّ٦ قولهم في الجمع ٧ "مَجانِيق" بحذف النون من قَبيل ما خُلِّطَ فيه. فالجواب أنَّ قولهم: مَجانِيق، يؤدِّي إِلى أن يكون وزن الكلمة "فَنْعَلِيلًا" كما تقدَّم، وهو من أبنية كلامهم. وقولهم: نُجْنَقُ وجَنَقُوهم، يؤدِّي إِلى كون الميم والنون زائدتين، فيكون وزن الكلمة "مَنْفَعِيلًا"، والزيادتان لا تَلحقان الأسماء من أوَّلها، إِلَّا أن تكون جارية على الأفعال، كما تقدَّم. والذي يدلُّ، على أصالة الميم في مَنجَنُون،٨ أنه لا يخلو أن تُقَدِّر الميم والنون٩ زائدتين أو أصليَّتين، أو إِحداهما زائدة والأخرى أصليَّة١٠ فجعلُهما زائدتين فاسد، لما تبيَّن من أنه لا يلحق الكلمة زيادتان من أوَّلها إِلَّا الأفعالَ والأسماءَ الجارية عليها، و"منجنون" ليس من قبيل الأسماء الجارية على الأفعال. وجعلُ إحداهما زائدة والأُخرى أصليَّة فاسدٌ؛ لأنَّ ك إن قدَّرت أنَّ الميم هي الزائدة١١ كان وزن الكلمة "مَفْعَلُولًا". وذلك بناء غير موجود في كلامهم. وإِن١٢ قَدَّرتَ أنَّ النون هي الزائدة كان فاسدًا، بدليل قولهم "مَناجِين" في الجمع، بإِثبات النون الأُولى. فدلَّ ذلك على أنهما أصلان، ويكون وزن الكلمة "فَعْلَلُولًا". فيكون١٣ نحو: حَنْدَقُوق١٤.

١ ف: إلى. ٢ الخصائص ١: ٣٥٩ والمنصف١: ١٤٨ والمحتسب ١: ٨٠ واللسان "زرج". ٣ م: "شرب". والزرجون: الخمر. ٤ م: المزرجن. ٥ ف: لأنها. ٦ م: فهلَّا جعلتم. ٧ م: الجميع. ٨ الكتاب ٢: ٣٤٤ والمنصف ١: ١٤٥-١٤٦ وشرح الشافية ٢: ٣٥٣-٣٥٥. ٩ م: النون والميم. ١٠ ف: أو إحداهما أصلية والأخرى زائدة. ١١ م: أن الميم زائدة. ١٢ ف: فإن. ١٣ سقط من م. ١٤ الحندقوق: بقلة، والرجل الطويل المضطرب.

1 / 170