وأمَّا ما تبلغ منه مُرادك، بأن١ يصير إلى مثل حال الفاعل الذي يصحّ منه الفعل، فنحو قولك: قَطَعتُ الحبلَ فانقطَعَ وكَسرتُ الحُبَّ٢ فانكسرَ؛ ألَا ترى أنَّ الحبلَ والحُبَّ لا يَصِحُّ منهما الفعل؛ لأنه لا قُدرة لهما. فإِنما٣ أردتَ ذلك منهما، فبلغتَه بما أحدثته أنت فيهما، لا أنهما٤ تَوَلَّيا الفعل؛ لأنَّ الفعل لا يَصحُّ من مثلهما. ومن ذلك قوله٥: [لا خُطْوتِي تَتَعاطَى غَيرَ مَوضِعِها] ... ولا يَدِي، في حَمِيتِ السَّمنِ٦ تَندَخِلُ هو مطاوع "أدخَلتُه". وهو من باب: انقطَعَ الحبلُ؛ لأنَّ اليد لا تكون فاعلة، إِنما هي آلة يُفعل بها. قال المبرّد٧: وقد يكونُ "انفَعَلَ" لغير مطاوعة، فيكون فِعلًا للفاعل على الحقيقة، نحو: انطلَقَ عبد الله وليس على فعلتُه. واعلم أنَّ "انفَعَلَ" إنّما أصله من الثلاثيّ، ثمّ تلحقُه الزّيادتان من أوّله، نحو: قَطَعتُه فانقطعَ وسَرَحتُه فانسَرحَ٨. ولا يكاد يكون "فَعَلَ" منه٩ إِلَّا متعدّيًا، حتّى تُمكِنَ المطاوعةُ والانفعال؛ ألا ترى أنَّ "قَطَعتُه" و"كَسَرتُه"١٠ متعدّيان. قال أبو عليّ: وقد جاء "فَعَلَ" منه غيرَ متعَدّ، قال الشاعر١١: وكَم مَنزِلٍ لَولايَ طِحتَ كَما هَوَى ... بأجرامِهِ، مِن قُلَّةِ النِّيقِ، مُنهَوِي وإِنّما هو مطاوع "هَوَى" إِذا سقط، وهو١٢ غيرُ متعدّ كما ترى. وجاء في هذه القصيدة "مُنغوِي"١٣. قال أبو علي: إِنّما بَنى من "غَوَى" و"هَوَى" مُنْفَعِلًا، لضرورة الشعر. ويجوز عندي أن يكونَ "مُنغَوٍ" و"مُنهَوٍ" مطاوعين لـ"أَغوَيتُه" و"أَهوَيتُه"، فيكونَ مثل: أَدخَلتُه

١ م: فأن. ٢ في حاشية ف: الحب: الخابية. ٣ المنصف: وإنما. ٤ م: لا أنه. ٥ الكميت. ديوانه ٢: ١٣ وأدب الكاتب ص٤٥٦ والمحتسب١: ٢٩٦ والمنصف ١: ٧٢ واللسان والتاج "دخل". وفي حاشية ف: الحميت: الزق. ٦ كذا رواية ف وفوقها "صح". م: "القوم". والمشهور: السَّكْنِ. ٧ سقطت الفقرة من النسختين، وألحقها أبو حيان بحاشية ف. وانظر المقتضب١: ٧٦. ٨ م: سرجته فانسرج. ٩ م: منه فعل. ١٠ م: كسّرته. ١١ يزيد بن الحكم الثقفي. الكتاب ١: ٣٨٨ والخصائص ٢: ٢٥٩ والمنصف ١: ٧٢ والأمالي ١: ٦٨ والسمط ص٢٣٨ والأغاني ١١: ١٠٠ والإنصاف ص٦٩١ والعيني ٣: ٢٦٢ والكامل ص١٠٩٧ والخزانة ١: ٤٩٦ و٤٣٠:٢ وأمالي ابن الشجري ٢: ٢١٢ والهمع ٢: ٣٣. وطحت: سقطت وهلكت. والقلة: أعلى الجبل. والنيق: أرفع موضع في الجبل. ١٢ المنصف: وهوى. ١٣ في ف والمنصف: منغو.