Sarakunan Tawaif
ملوك الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام
Nau'ikan
فجمع القائد إليه أبطال الجهاد الذين تم بفضلهم النصر والفوز، فسأل عمرو بن معد يكرب النبيل عما يحفظه من القرآن فأجابه: «لا شيء، لأنني دنت بالإسلام في بلاد اليمن ، ثم صرفتني الحروب العديدة عن القرآن وعن الاشتغال به.»
3
فالتفت القائد إلى بشر بن طائف يسأله، فكان جوابه: «ليس حظي من ذلك بأوفر من حظ عمرو: «بسم الله الرحمن الرحيم».»
وقد كان هذا هو كل ما يحفظه من القرآن! •••
زد على ذلك، أن الإسلام - وإن لم يلق معارضة قوية في أثناء فتوحاته المتوالية المظفرة - فإن سراة مكة وطبقة الأرستقراطية العربية لم يغفروا لأصحاب هذا الدين الجديد ومؤسسيه هذا الفوز الذي أحرزوه، ولم يرضوا عن ذلك السلطان الذي أراد الموحدون أن يبسطوا ظله عليهم.
ولقد كانت تقوم المنازعات بين الشعب على مسألة من المسائل ظاهر أمرها أنها شخصية لا علاقة لها بمبدأ أو عقيدة، وهي - في حقيقتها وجوهرها - غير ذلك، فقد كان يتخذ النزاع غرضا يحوم حوله ومبدأ يناضل عنه ليتخذ منه تكأة يبرر بها غايته من الشغب.
وقد بدأ ذلك بحادث عثمان - ثالث الخلفاء - حين تولى الخلافة بعد وفاة عمر (644م) وكانت سن عثمان حينئذ سبعين عاما، وكان حليما لين العريكة، ضعيف الإرادة أمام أسرته وأعيان مكة وسراتها ورجال بني أمية، أي إنه كان ضعيف الإرادة أمام كل من ناصبوا محمدا العداء عشرين عاما، ثم أسلموا، فكان في إسلامهم مجال واسع للظنون والحذر، ولقد نالوا بفضل عثمان أرفع المناصب وانتهت المأساة الكبرى بقتل خليفتهم الشيخ المسن عثمان.
ثم ولي الخلافة بعده علي ابن عم محمد ولكن لم يتم الاعتراف به في كل مكان، فقد هبت سوريا متحمسة إلى امتشاق الحسام وعلى رأسها واليها معاوية بن أبي سفيان وكان انتصاره حينئذ هو انتصار جمهرة المعادين للإسلام، الذين كانوا يناوئونه من صميم قلوبهم، على أن المسلمين حقا لم يخضعوا لهم، فقد أشعلوا نيران الحرب - من جديد - في زمن يزيد الأول ابن معاوية الذي ولي الخلافة من بعده، ولقد قام الحسين - وهو الابن الأصغر لعلي - يطالب بالخلافة، ولكنه صرع هو وفئته القليلة التي كانت تناصره في موقعة كربلاء
4
ومن ثم قام عبد الله بن الزبير - وهو ابن صحابي من صحابة الرسول - إلى مكة رافعا علم الثورة، وظل سنة كاملة لا يحفل به الخليفة، ولا يلتفت إليه استصغارا لشأنه؛ ذلك أنه لما يغادر مكة إلى غيرها من البلدان، فلم ير له الخليفة خطرا يستحق أن يناوئه من أجله، ورأى أن من الحزامة أن يتركه وشأنه، حتى لا يثير عليه حفيظة المسلمين أكثر مما أثار من قبل - بلا حاجة - فلم تكن ثمة ضرورة قاهرة تضطره إلى إراقة الدماء في بقاع كانت - حتى في زمن الوثنية - حرما مقدسا لا يمسه أحد بسوء.
Shafi da ba'a sani ba