Mukhtasar Zad Macad
مختصر زاد المعاد
Mai Buga Littafi
دار الريان للتراث
Lambar Fassara
الثانية
Shekarar Bugawa
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
Inda aka buga
القاهرة
الباب يريدون بَيَاتَهُ، وَيَأْتَمِرُونَ أَيُّهُمْ يَكُونُ أَشْقَاهَا، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنَ الْبَطْحَاءِ، فَجَعَلَ يَذُرُّهُ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَهُمْ لَا يَرَوْنَهُ وَهُوَ يَتْلُو: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [يس: ٩] (١) . ومضى إِلَى بَيْتِ أبي بكر، فَخَرَجَا مِنْ خَوْخَةٍ فيه ليلا، وجاء رجل فرأى الْقَوْمَ بِبَابِهِ. فَقَالَ: مَا تَنْتَظِرُونَ؟ قَالُوا: مُحَمًّدًا. قَالَ: خِبْتُمْ وَخَسِرْتُمْ، قَدْ وَاللَّهِ مَرَّ بِكُمْ، وذر على رءوسكم التراب. فقاموا ينفضون عن رءوسهم، فلما أصبحوا قام علي من الفراش، فسألوه عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: لَا عِلْمَ لي به. ثم مضى وأبو بكر إِلَى غَارِ ثَوْرٍ، فَدَخَلَاهُ، وَضَرَبَ العنكبوت بيتا على بابه، وكانا قد استأجرا ابن أريقط الليثي، وكان هاديا ماهرا بالطريق وهو على دين قومه، وَأَمِنَاهُ عَلَى ذَلِكَ، وَسَلَّمَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ الغار بَعْدَ ثَلَاثٍ، وَجَدَّتْ قُرَيْشٌ فِي طَلَبِهِمَا، وَأَخَذُوا مَعَهُمُ الْقَافَةَ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى بَابِ الْغَارِ فوقفوا عليه، وَكَانَ عامر بن فهيرة يَرْعَى عَلَيْهِمَا غَنَمًا لأبي بكر، ومكثا فيه ثلاثا حتى خمدت عنهما نار الطلب، ثم جاءهما ابن أريقط بِالرَّاحِلَتَيْنِ فَارْتَحَلَا، وَأَرْدَفَ أبو بكر عامر بن فهيرة، وَسَارَ الدَّلِيلُ أَمَامَهُمَا، وَعَيْنُ اللَّهِ تصحبهما، وإسعاده ينزلهما ويرحلهما. ولما أيس المشركون منهما جَعَلُوا لِمَنْ جَاءَ بِهِمَا دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَجَدَّ النَّاسُ فِي الطَّلَبِ، وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ، فَلَمَّا مَرُّوا بِحَيِّ بَنِي مُدْلِجٍ مُصْعِدِينَ مِنْ قُدَيْدٍ، بَصُرَ بِهِمْ رَجُلٌ مِنَ الحي، فقال لهم: لقد رأيت بِالسَّاحِلِ أَسْوِدَةً مَا أُرَاهَا إِلَّا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ. ففطن سراقة، فأراد أن يكون له الظفر خَاصَّةً، وَقَدْ سَبَقَ لَهُ مِنَ الظَّفَرِ مَا لم يكن في حسابه، فقال: بل هما فُلَانٌ وَفُلَانٌ، خَرَجَا فِي طَلَبِ حَاجَةٍ لَهُمَا، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ خِبَاءَهُ، وقال لخادمه: اخرجي بِالْفَرَسِ مِنْ وَرَاءِ الْخِبَاءِ، وَمَوْعِدُكَ وَرَاءَ الْأَكَمَةِ، ثُمَّ أَخَذَ رُمْحَهُ وَخَفَضَ عَالِيَهُ يَخُطُّ بِهِ الْأَرْضَ حَتَّى رَكِبَ فَرَسَهُ، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهُمْ، وسمع قراءة النبي ﷺ وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، قال أبو بكر: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا سراقة قَدْ رَهَقَنَا. فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَسَاخَتْ يَدَا فَرَسِهِ فِي الأرض، فقال: قد علمت أن الذي
_________
(١) سورة يس، الآية: ٩.
1 / 112