Takaitaccen Tafsirin Ibn Kathir
مختصر تفسير ابن كثير
Mai Buga Littafi
دار القرآن الكريم
Bugun
السابعة
Shekarar Bugawa
1402 AH
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
Tafsiri
روى البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ قال: كانوا إذا ات الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقُّ بِامْرَأَتِهِ إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا، وَإِنَّ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النسآء كَرْهًا﴾ هكذا ذكره البخاري وأبو داود والنسائي وروي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَجَاءَ رَجُلٌ فَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبًا كَانَ أَحَقَّ بِهَا، فَنَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ في الآية: كَانَ أَهْلُ يَثْرِبَ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَرِثَ امْرَأَتَهُ مَنْ يَرِثُ مَالَهُ وَكَانَ يَعْضُلُهَا حَتَّى يَرِثَهَا، أَوْ يُزَوِّجَهَا مَنْ أَرَادَ، وَكَانَ أَهْلُ تِهَامَةَ يُسِيءُ الرَّجُلُ صُحْبَةَ الْمَرْأَةِ حَتَّى يُطَلِّقَهَا، وَيَشْتَرِطَ عَلَيْهَا أَن لاَّ تَنْكِحَ إِلَّا مَنْ أَرَادَ حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ بِبَعْضِ مَا أَعْطَاهَا فَنَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ ذلك. وقال أبو بكر بن مردويه عن محمد ابن أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ أَرَادَ ابْنُهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَتَهُ وَكَانَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لاَ يحل لكم أن رثوا النسآء كَرْهًا﴾ وقال ابن جريرج: نَزَلَتْ فِي (كُبَيْشَةَ بِنْتِ مَعْنِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ الْأَوْسِ) تُوُفِّيَ عَنْهَا أَبُو قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ فَجَنَحَ عَلَيْهَا ابْنُهُ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَا أَنَا وَرِثْتُ زَوْجِي وَلَا أَنَا تركت فأنكح، فأنزل الله هذه الآية. فَالْآيَةُ تَعُمُّ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَكُلَّ مَا كَانَ فِيهِ نَوْعٌ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ أَيْ لَا تُضارُّوهُنَّ فِي الْعِشْرَةِ لِتَتْرُكَ لَكَ مَا أَصْدَقْتَهَا أَوْ بَعْضَهُ أَوْ حَقًّا مِنْ حُقُوقِهَا عَلَيْكَ، أَوْ شَيْئًا مِنْ ذلك على وجه القهر لها والإضرار، وقال ابن عباس في قَوْلُهُ: ﴿وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ﴾، يَقُولُ: وَلَا تَقْهَرُوهُنَّ ﴿لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ يَعْنِي الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ المرأة وَهُوَ كَارِهٌ لِصُحْبَتِهَا وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ فَيَضُرُّهَا لتفتدي به، وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَقَالَ ابْنُ المبارك عن ابن السلاماني قَالَ: نَزَلَتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ إِحْدَاهُمَا فِي أَمْرِ الجاهلية، والأخرى في أمر الإسلام يعني قوله تَعَالَى: ﴿لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاءَ كَرْهًا﴾ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ﴿وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ﴾ فِي الْإِسْلَامِ، وَقَوْلُهُ: ﴿إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ﴾ قَالَ ابن مسعود، وابن عباس: يَعْنِي بِذَلِكَ الزِّنَا، يَعْنِي إِذَا زَنَتْ فَلَكَ أَنْ تَسْتَرْجِعَ مِنْهَا الصَّدَاقَ الَّذِي أَعْطَيْتَهَا، وتُضَاجِرَهَا حَتَّى تَتْرُكَهُ لَكَ وَتُخَالِعَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أن يخافًا أن لا يُقِيمَا حُدُودَ الله﴾ الآية، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ: الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ النُّشُوزُ وَالْعِصْيَانُ، وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّهُ يَعُمُّ ذَلِكَ كُلَّهُ الزِّنَا وَالْعِصْيَانَ، وَالنُّشُوزَ وَبَذَاءَ اللِّسَانِ، وغير ذلك، يعني أن كُلَّهُ يُبِيحُ مُضَاجَرَتَهَا حَتَّى تُبْرِئَهُ مِنْ حَقِّهَا أَوْ بَعْضِهِ وَيُفَارِقَهَا، وَهَذَا جَيِّدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ السِّيَاقُ كُلُّهُ كَانَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَكِنْ نُهِيَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ فعله في الإسلام: وقال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ الْعَضْلُ فِي قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ: يَنْكِحُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الشَّرِيفَةَ، فَلَعَلَّهَا لا توافقه فيفارقها على أن لا تتزوج إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَيَأْتِي بِالشُّهُودِ فَيَكْتُبُ ذَلِكَ عَلَيْهَا ويشهد، فإذا جاء الخاطب، فإن أعطته وأرضته أذن لها وإلاعضلها، قَالَ فَهَذَا قَوْلُهُ: ﴿وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ الْآيَةَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ ما آيتمون﴾ هو كالعضل في سورة البقرة، وقوله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أَيْ طَيِّبُوا أَقْوَالَكُمْ لَهُنَّ وَحَسِّنُوا أَفْعَالَكُمْ وَهَيْئَاتِكُمْ بِحَسَبِ قُدْرَتِكُمْ، كَمَا تُحِبُّ ذَلِكَ مِنْهَا فَافْعَلْ أَنْتَ بِهَا مِثْلَهُ،
1 / 368