265

Takaitaccen Tafsirin Ibn Kathir

مختصر تفسير ابن كثير

Mai Buga Littafi

دار القرآن الكريم

Lambar Fassara

السابعة

Shekarar Bugawa

1402 AH

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

Tafsiri
بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
- ٢٠٠ - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُوا وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ حَقَّ الإيمان، ويؤمنون بما أنزل على محمد مع ما هم مؤمنون بِهِ مِنَ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَنَّهُمْ خَاشِعُونَ لِلَّهِ أَيْ مُطِيعُونَ لَهُ خَاضِعُونَ مُتَذَلِّلُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أَيْ لا يكتمون ما بأيديهم مِنَ الْبِشَارَةِ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وذكر صفته ونعته ومبعثه وصفته أمته، وهؤلاء ثم خِيرَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَصَفْوَتُهُمْ سَوَاءً كَانُوا هُودًا أو نصارى، وقد قال تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يؤمنون﴾ الآية. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أولئك يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ الآية. وقد قال تَعَالَى: ﴿وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾، وَقَالَ تَعَالَى ﴿لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَآءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يسجدون﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لمفعولا﴾ وهذه الصفات توجد في اليهود ولكن قليلًان كَمَا وُجِدَ فِي (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ) وَأَمْثَالِهِ مِمَّنْ آمَنُ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ وَلَمْ يَبْلُغُوا عَشَرَةَ أَنْفُسٍ، وَأَمَّا النَّصَارَى فَكَثِيرٌ مِنْهُمْ يهتدون وَيَنْقَادُونَ لِلْحَقِّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نصارى﴾، إلى قوله تعالى: ﴿فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ الآية. وهكذا قال ههنا: ﴿أولئك لهم أجرهم عند رَبِّهِمْ﴾ الْآيَةَ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ﵁ لَمَّا قَرَأَ سُورَةَ ﴿كهيعص﴾ بِحَضْرَةِ النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ وعند الْبَطَارِكَةُ وَالْقَسَاوِسَةُ بَكَى وَبَكَوْا مَعَهُ حَتَّى أَخْضَبُوا لِحَاهُمْ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّجَاشِيَّ لَمَّا مَاتَ نَعَاهُ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى أَصْحَابِهِ، وَقَالَ: ﴿إِنَّ أَخًا لَكُمْ بِالْحَبَشَةِ قد مات فصلّوا عليه" فخرج إِلَى الصَّحْرَاءِ فَصَفَّهُمْ وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَرَوَى ابْنُ أبي حاتم، عَنْ أنَس بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ النَّجَاشِيُّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «استغفرا لِأَخِيكُمْ»، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: يَأْمُرُنَا أَنْ نَسْتَغْفِرَ لِعِلْجٍ مَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ للَّهِ﴾ الْآيَةَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ يَعْنِي مُسْلِمَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ عن قول الله: ﴿وَإِنَّ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ﴾ الْآيَةَ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ مُحَمَّدٍ ﷺ فَاتَّبَعُوهُ وَعَرَفُوا الْإِسْلَامَ فَأَعْطَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَجْرَ اثْنَيْنِ، لِلَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ قَبْلَ مُحَمَّدٍ ﷺ، واتباعهم محمدًا ﷺ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مرتين» فذكر منهم رجلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِي، وقوله تعالى: ﴿لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ أَيْ لا يكتمون ما بأيديدهم من العلم كما فعلته الطَّائِفَةُ الْمَرْذُولَةُ مِنْهُمْ بَلْ يَبْذُلُونَ ذَلِكَ مَجَّانًا، ولهذا قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: سَرِيعُ الْحِسَابِ يَعْنِي سريع الإحصاء.

1 / 350