Takaitaccen Tafsirin Ibn Kathir
مختصر تفسير ابن كثير
Mai Buga Littafi
دار القرآن الكريم
Lambar Fassara
السابعة
Shekarar Bugawa
1402 AH
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
Tafsiri
- ٢٣٤ - وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
هَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ لِلنِّسَاءِ اللَّاتِي يُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ أَنْ يَعْتَدِدْنَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَ لَيَالٍ، وَهَذَا الْحُكْمُ يَشْمَلُ الزَّوْجَاتِ الْمَدْخُولَ بِهِنَّ وَغَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ بِالْإِجْمَاعِ، وَمُسْتَنَدُهُ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا عُمُومُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امرأة فمات عنها وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا، فَتَرَدَّدُوا إِلَيْهِ مِرَارًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَقُولُ فِيهَا برأيي، فإن يك صوابًا فمن الله، وإن يك خَطَأً فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ منه: لَهَا الصَّدَاقَ كَامِلًا - وَفِي لَفْظٍ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ - وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، ولها الميراث، فقام (معقل بن يسار الْأَشْجَعِيُّ) فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَضَى بِهِ فِي (بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ) فَفَرِحَ عَبْدُ اللَّهِ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا (أخرجه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي).
وَلَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ، فَإِنَّ عِدَّتَهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ، وَلَوْ لَمْ تَمْكُثْ بَعْدَهُ سِوَى لَحْظَةٍ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: ﴿وَأُوْلاَتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى أَنْ عَلَيْهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ بِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ: مِنَ الْوَضْعِ، أَوْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ، وَهَذَا مَأْخَذٌ جَيِّدٌ وَمَسْلَكٌ قَوِيٌّ، لَوْلَا مَا ثَبَتَتْ بِهِ السُّنَّةُ فِي حَدِيثِ (سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ) الْمُخَرَّجِ فِي الصحيحين من غير وجه، أنها تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا (سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ) وَهِيَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا (أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ) فَقَالَ لَهَا: مَالِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً لَعَلَّكِ تَرْجِينَ النِّكَاحَ؟ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى يَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عليَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي، وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ إِنْ بَدَا لِي. قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ سُبَيْعَةَ، يَعْنِي لَمَّا احْتُجَّ عَلَيْهِ بِهِ، قَالَ: وَيُصَحِّحُ ذَلِكَ عَنْهُ أَنَّ أَصْحَابَهُ أَفْتَوْا بِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَاطِبَةً، وَكَذَلِكَ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الزَّوْجَةُ إِذَا كَانَتْ أَمَةً، فَإِنَّ عدتها على النصف من عدة الحرة عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ، لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ عَلَى النصف من الحرة فكذلك في العدة، ومن ⦗٢١٤⦘ العلماء مَنْ يُسَوِّي بَيْنَ الزَّوْجَاتِ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ باب الأمور الجِبِليَّة، التي تستوي فيه الخليقة. وقد ذكر أن الحكمة في جعل عدة الوفاء أربعة أشهر وعشرا، احتمال اشْتِمَالِ الرَّحِمِ عَلَى حَمْلٍ، فَإِذَا انْتَظَرَ بِهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ ظَهَرَ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي فِي الصحيحين: «إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ» فَهَذِهِ ثَلَاثُ أَرْبَعِينَاتٍ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَالِاحْتِيَاطُ بِعَشْرٍ بَعْدَهَا لِمَا قَدْ يَنْقُصُ بَعْضُ الشُّهُورِ، ثُمَّ لِظُهُورِ الْحَرَكَةِ بَعْدَ نَفْخِ الرَّوْحِ فِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ في أَنْفُسِهِنَّ بالمعروف﴾ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا وُجُوبُ الْإِحْدَادِ عَلَى الْمُتَوَفَّى عنها مدة عدتها، لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى ميت فوق ثلاث إلى عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي تُوَفِّي عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنُهَا أَفَنَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ: «لَا» كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ - لَا - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَمْكُثُ سَنَةً» قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا وَلَا شَيْئًا، حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي بِهَا ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَيْرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ فَقَلَّمَا تفتض بشي إلا مات (أي من نتنها والإفتضاض مسح الفرج به) ومن ههنا ذهب كثيرون مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِلْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعًا إِلَى الحول غير إخراج﴾ الآية كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ، وَفِي هَذَا نظر كما سيأتي تقريره، والغرض من الْإِحْدَادَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ الزِّينَةِ مِنَ الطِّيبِ، وَلُبْسِ مَا يَدْعُوهَا إِلَى الْأَزْوَاجِ مِنْ ثِيَابٍ وَحُلِيٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ وَاجِبٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَا يَجِبُ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَهَلْ يَجِبُ فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ فِيهِ قَوْلَانِ: وَيَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى جَمِيعِ الزَّوْجَاتِ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الصَّغِيرَةُ، وَالْآيِسَةُ، وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَالْمُسَلَمَةَ، وَالْكَافِرَةُ لعموم الآية، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا حداد عَلَى الْكَافِرَةِ، وَبِهِ يَقُولُ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَحَجَّةُ قَائِلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ قَوْلُهُ ﷺ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ على ميت فوق ثلاث إلى عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»، قَالُوا: فَجَعَلَهُ تعبدًا، وألحق أبو حنيفة وأصحابه الصَّغِيرَةَ بِهَا لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ، وَأَلْحَقَ أَبُو حَنِيفَةَ الْأَمَةَ الْمُسَلَمَةَ لِنَقْصِهَا، وَمَحَلُّ تَقْرِيرِ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي كُتُبِ الْأَحْكَامِ وَالْفُرُوعِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ﴾ أي انقضت عدتهن ﴿فال جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾، قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَيْ عَلَى أَوْلِيَائِهَا ﴿فِيمَا فَعَلْنَ﴾ يَعْنِي النِّسَاءُ اللَّاتِي انْقَضَّتْ عِدَّتُهُنَّ قال ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا طُلقت الْمَرْأَةُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَإِذَا انْقَضَّتْ عِدَّتُهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ وَتَتَصَنَّعَ وَتَتَعَرَّضَ لِلتَّزْوِيجِ فَذَلِكَ المعروف. وقد روى عن مقاتل، وقال مجاهد: ﴿بالمعروف﴾ النكاح الحلال الطيب، وهو قول الحسن والزهري، والله أعلم.
1 / 213