108

Takaitaccen Tafsirin Ibn Kathir

مختصر تفسير ابن كثير

Mai Buga Littafi

دار القرآن الكريم

Lambar Fassara

السابعة

Shekarar Bugawa

1402 AH

Inda aka buga

بيروت

Nau'ikan

Tafsiri
- ١٥٨ - إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عليم ⦗١٤٥⦘ روى الإمام أحمد عن عروة عن عائشة قال، قلتُ: أرأيتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾؟ فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أحدٍ جُنَاحٌ أَنْ لَا يتطوف بهما، فقالت عائشة: بئس ما قلتَ يَا ابْنَ أُخْتِي إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى مَا أَوَّلْتَهَا عَلَيْهِ كَانَتْ فَلَا جُناح عليه أن لا يطَّوف بِهِمَا، وَلَكِنَّهَا إِنَّمَا أُنْزِلَتْ أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا كَانُوا يهلِّون لِمَنَاةَ الطاغية التي كانوا يعبدونها عن الْمُشَلَّلِ، وَكَانَ مَنْ أهلَّ لَهَا يَتَحَرَّجُ أَنْ يطَّوف بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَسَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نطَّوف بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿، ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ قَدْ سنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الطَّوَافَ بِهِمَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَعَ الطواف بهما (رواه الشيخان وأحمد). وقال أنَس: كنا نرى أنهما مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿إِنَّ الصَّفَا والمروة مِن شَعَآئِرِ الله﴾ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ إِسَافٌ عَلَى الصَّفَا وَكَانَتْ نَائِلَةُ عَلَى الْمَرْوَةِ، وَكَانُوا يَسْتَلِمُونَهُمَا فَتَحَرَّجُوا بَعْدَ الْإِسْلَامِ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ عَادَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَابِ الصَّفَا وَهُوَ يَقُولُ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ﴾، ثُمَّ قَالَ: «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» (رواه مسلم من حديث جابر الطويل) وعن حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالنَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ وَرَاءَهُمْ وَهُوَ يَسْعَى، حَتَّى أَرَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ وَهُوَ يَقُولُ: «اسْعَوْا فإن الله كتب عليكم السعي» (أخرجه الإمام أحمد) وقد استدل بهذا الحديث مَنْ يَرَى أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رُكْنٌ فِي الْحَجِّ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ، وَقِيلَ: إِنَّهُ وَاجِبٌ وَلَيْسَ بِرُكْنٍ فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا جَبَرَهُ بِدَمٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عن أحمد. وقيل: بل مستحب. واحتجوا بقوله تعالى: ﴿فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ لِأَنَّهُ ﵇ طَافَ بينهما وقال: «خذوا عني مناسككم» بيَّن تَعَالَى أَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ﴿مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ﴾ أَيْ مِمَّا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى لأبراهيم فِي مَنَاسِكِ الْحَجِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ طواف هَاجَرَ، وَتَرْدَادِهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي طَلَبِ الماء لولدها لمّا نفد ماؤهما وزادهما، فلم تزل تتردد فِي هَذِهِ الْبُقْعَةِ الْمُشَرَّفَةِ بَيْنَ (الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) متذللة خائفة وجلة حَتَّى كَشَفَ اللَّهُ كُرْبَتَهَا، وَآنَسَ غُرْبَتَهَا، وفرَّج شِدَّتَهَا وَأَنْبَعَ لَهَا زَمْزَمَ التِي مَاؤُهَا «طَعَامُ طَعْمٍ، وَشِفَاءُ سُقْمٍ»، فَالسَّاعِي بَيْنَهُمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَحْضِرَ فَقْرَهُ وَذُلُّهُ وَحَاجَتَهُ إِلَى اللَّهِ فِي هِدَايَةِ قَلْبِهِ، وَصَلَاحِ حَالِهِ، وَغُفْرَانِ ذَنْبِهِ، وأن يلتجىء إلى الله ﷿ لتفريج ما هو به. وَقَوْلُهُ: ﴿فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ قِيلَ: زَادَ فِي طَوَافِهِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ ثَامِنَةً وَتَاسِعَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: يَطُوفُ بَيْنَهُمَا فِي حَجَّةِ تَطَوُّعٍ أَوْ عُمْرَةِ تَطَوُّعٍ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ تَطَوَّعَ خيرًا في سائر العبادات. وَقَوْلُهُ: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ أَيْ يُثِيبُ عَلَى الْقَلِيلِ بِالْكَثِيرِ ﴿عَلِيمٌ﴾ بِقَدْرِ الْجَزَاءِ فَلَا يَبْخَسُ أَحَدًا ثَوَابَهُ وَ﴿لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عظيما﴾.

1 / 144