Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
Mai Buga Littafi
دار السلام للنشر والتوزيع
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٦هـ
Inda aka buga
الرياض
Nau'ikan
ولذلك حذف النون منهم ﴿يُوَفَّ إِلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٢] أَيْ يُوَفَّرُ لَكُمْ جَزَاؤُهُ، وَمَعْنَاهُ: يُؤَدِّي إِلَيْكُمْ، وَلِذَلِكَ دَخَلَ فِيهِ إلى، ﴿وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٢] لَا تُنْقَصُونَ مِنْ ثَوَابِ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا، وَهَذَا فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تُوضَعَ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ، فَأَمَّا الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ فَلَا يَجُوزُ وضعها إلا في المسلمين.
[٢٧٣] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٧٣] اخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ هَذِهِ اللَّامِ، قِيلَ: هِيَ مَرْدُودَةٌ عَلَى مَوْضِعِ اللام من قوله: ﴿فَلِأَنْفُسِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٢] كَأَنَّهُ قَالَ: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِلْفُقَرَاءِ، وَإِنَّمَا تُنْفِقُونَ لِأَنْفُسِكُمْ، وَقِيلَ: مَعْنَاهَا الصَّدَقَاتُ الَّتِي سَبَقَ ذكرها، وقيل: خبر مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ صِفَتُهُمْ كذا حق واجب وهم للفقراء الْمُهَاجِرِينَ، كَانُوا نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَسَاكِنُ بِالْمَدِينَةِ وَلَا عَشَائِرُ، وَكَانُوا فِي المسجد يتعلمون القرآن، وَكَانُوا يَخْرُجُونَ فِي كُلِّ سَرِيَّةٍ يَبْعَثُهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُمْ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ، فَحَثَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمُ النَّاسَ فَكَانَ مَنْ عِنْدَهُ فَضْلٌ أَتَاهُمْ بِهِ إِذَا أَمْسَى، ﴿الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٧٣] فيه أقاويل، قال قتادة: هم هؤلاء حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ﴾ [البقرة: ٢٧٣] لَا يَتَفَرَّغُونَ لِلتِّجَارَةِ وَطَلَبِ الْمَعَاشِ، وَهُمْ أَهْلُ الصُّفَةِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ، وَقِيلَ: حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ حَبَسَهُمُ الْفَقْرُ وَالْعُدْمُ عَنِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ الله، وقيل: هؤلاء قَوْمٌ أَصَابَتْهُمْ جِرَاحَاتٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَصَارُوا زَمْنَى أَحْصَرَهُمُ الْمَرَضُ وَالزَّمَانَةُ عَنِ الضَّرْبِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ للجهاد، وقيل: مِنْ كَثْرَةِ مَا جَاهَدُوا صَارَتِ الأرض كلها حربا لهم فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ من كثرة أعدائهم، ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ﴾ [البقرة: ٢٧٣] بحالهم، ﴿أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾ [البقرة: ٢٧٣] أَيْ: مِنْ تَعَفُّفِهِمْ عَنِ السُّؤَالِ وَقَنَاعَتِهِمْ يَظُنُّ مَنْ لَا يَعْرِفُ حَالَهُمْ أَنَّهُمْ أَغْنِيَاءُ، وَالتَّعَفُّفُ التَّفَعُّلُ مِنَ الْعِفَّةِ وَهِيَ التَّرْكُ، يُقَالُ: عَفَّ عَنِ الشَّيْءِ إِذَا كَفَّ عَنْهُ، وَتَعَفَّفَ إِذَا تَكَلَّفَ فِي الإمساك، ﴿تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٣] السِّيمَاءُ وَالسِّيمِيَاءُ وَالسِّمَةُ: الْعَلَامَةُ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا الشَّيْءُ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهَا هَاهُنَا، فَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ التَّخَشُّعُ وَالتَّوَاضُعُ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: أَثَرُ الْجُهْدِ مِنَ الْحَاجَةِ وَالْفَقْرِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: صُفْرَةُ أَلْوَانِهِمْ مِنَ الْجُوعِ وَالضُّرِّ، وَقِيلَ: رَثَاثَةُ ثِيَابِهِمْ، ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة: ٢٧٣] قَالَ عَطَاءٌ: إِذَا كَانَ عِنْدَهُمْ غَدَاءٌ لَا يَسْأَلُونَ عَشَاءً، وَإِذَا كَانَ عِنْدَهُمْ عَشَاءٌ لَا يَسْأَلُونَ غَدَاءً، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا أَصْلًا، لِأَنَّهُ قَالَ: ﴿مِنَ التَّعَفُّفِ﴾ [البقرة: ٢٧٣] وَالتَّعَفُّفِ: تَرْكُ السُّؤَالِ، وَلِأَنَّهُ قَالَ ﴿تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٣] وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ شَأْنِهِمْ لَمَا كَانَتْ إِلَى مَعْرِفَتِهِمْ بِالْعَلَامَةِ حَاجَةٍ، فَمَعْنَى الْآيَةِ: لَيْسَ لَهُمْ سُؤَالٌ فَيَقَعُ فِيهِ إِلْحَافٌ، وَالْإِلْحَافُ: الإلحاح واللجاج ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٧٣] من مَالٍ ﴿فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٧٣] وَعَلَيْهِ مَجَازٍ.
[٢٧٤] ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٢٧٤] قال الأخفش: جعل جواب الْخَبَرَ بِالْفَاءِ، لِأَنَّ الَّذِينَ بِمَعْنَى (من) وجوابها بالفاء في الخبر، أَوْ مَعْنَى الْآيَةِ: مَنْ أَنْفَقَ كَذَا فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ، ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٤]
[٢٧٥] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] أي: الذين يُعَامِلُونَ بِهِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْأَكْلَ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنَ الْمَالِ ﴿لَا يَقُومُونَ﴾ [البقرة: ٢٧٥] يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ قُبُورِهِمْ ﴿إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ﴾ [البقرة: ٢٧٥] أي يصرعه ﴿الشَّيْطَانُ﴾ [البقرة: ٢٧٥] أَصْلُ الْخَبْطِ: الضَّرْبُ وَالْوَطْءُ، وَهُوَ ضَرْبٌ عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ، يُقَالُ: نَاقَةٌ خَبُوطٌ لِلَّتِي تَطَأُ النَّاسَ وتضرب الأرض بقوائمه ﴿مِنَ الْمَسِّ﴾ [البقرة: ٢٧٥] أَيِ: الْجُنُونِ، يُقَالُ: مُسَّ الرَّجُلُ
1 / 106