Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
Mai Buga Littafi
دار السلام للنشر والتوزيع
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٦هـ
Inda aka buga
الرياض
Nau'ikan
فَضَرَبَ فَانْفَجَرَتْ أَيْ سَالَتْ، ﴿مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا﴾ [البقرة: ٦٠] عَلَى عَدَدِ الْأَسْبَاطِ، ﴿قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ﴾ [البقرة: ٦٠] مَوْضِعَ شُرْبِهِمْ، لَا يُدْخِلُ سِبْطٌ عَلَى غَيْرِهِ فِي شُرْبِهِ، ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٦٠] أَيْ: وَقُلْنَا لَهُمْ: كُلُوا مِنْ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى وَاشْرَبُوا مِنَ الْمَاءِ فَهَذَا كُلُّهُ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَا مَشَقَّةٍ، ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة: ٦٠] والعثي، أَشَدُّ الْفَسَادِ، يُقَالُ: عَثَى يَعْثِي عثيًا، وعثا يعثوا عثوًا، وعاث يعيث عيثًا.
قَوْلُهُ تَعَالَى:
[٦١] ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ﴾ [البقرة: ٦١] وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا وَسَئِمُوا مِنْ أَكْلِ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى وَإِنَّمَا قَالَ: عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ وَهُمَا اثْنَانِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تُعَبِّرُ عَنِ الِاثْنَيْنِ بِلَفْظِ الْوَاحِدِ كَمَا تُعَبِّرُ عَنِ الواحد بلفظ الاثنين وَقِيلَ: كَانُوا يَأْكُلُونَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فكانا كطعام واحد ﴿فَادْعُ لَنَا﴾ [البقرة: ٦١] فسل لِأَجْلِنَا ﴿رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا﴾ [البقرة: ٦١] قال ابن عباس: الفوم الْخُبْزُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: الْحِنْطَةُ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْحُبُوبُ الَّتِي تُؤكل كُلُّهَا، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: الثوم، ﴿وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ﴾ [البقرة: ٦١] لَهُمْ مُوسَى ﵇: ﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى﴾ [البقرة: ٦١] أخس وأردأ ﴿بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ﴾ [البقرة: ٦١] أشرف وأفضل ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا﴾ [البقرة: ٦١] يَعْنِي: فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا ذَلِكَ فَانْزِلُوا مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ مِصْرُ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَهُ لَمْ يَصْرِفْهُ، ﴿فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ﴾ [البقرة: ٦١] من نبات الأرض، ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ﴾ [البقرة: ٦١] جُعلت عليهم، وألزموا: ﴿الذِّلَّةُ﴾ [البقرة: ٦١] والذل والهوان، قيل: بالجزية ﴿وَالْمَسْكَنَةُ﴾ [البقرة: ٦١] الْفَقْرُ، سُمي الْفَقِيرُ مِسْكِينًا لِأَنَّ الْفَقْرَ أَسْكَنَهُ وَأَقْعَدَهُ عَنِ الْحَرَكَةِ، فَتَرَى الْيَهُودَ وَإِنْ كَانُوا مَيَاسِيرَ كَأَنَّهُمْ فُقَرَاءُ، وَقِيلَ: الذِّلَّةُ هِيَ فَقْرُ الْقَلْبِ فَلَا تَرَى فِي أَهْلِ الْمِلَلِ أَذَلَّ وَأَحْرَصَ عَلَى الْمَالِ مِنَ الْيَهُودِ، ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٦١] رجعوا، ولا يقال: باءَ إلّا بالشر، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: احْتَمَلُوا وَأَقَرُّوا بِهِ، وَمِنْهُ الدُّعَاءُ أبوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وأبوءُ بِذَنْبِي، أَيْ: أقر، ﴿ذَلِكَ﴾ [البقرة: ٦١] أَيِ: الْغَضَبُ، ﴿بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٦١] بِصِفَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَآيَةِ الرَّجْمِ فِي التَّوْرَاةِ، وَيَكْفُرُونَ بِالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ، ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ﴾ [البقرة: ٦١] تَفَرَّدَ نَافِعٌ بِهَمْزِ النَّبِيِّ وَبَابِهِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: الْمُخْبِرُ، مِنْ أَنْبَأَ يُنبئ، وَالْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ تَرْكُ الْهَمْزَةِ، وَلَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا هُوَ أَيْضًا مِنَ الْإِنْبَاءِ تُرِكَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَالثَّانِي: هُوَ بِمَعْنَى الرَّفِيعِ مَأْخُوذٌ مِنَ النُّبُوَّةِ، وَهِيَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ (النَّبِيِّينَ) عَلَى الْأَصْلِ، ﴿بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ [البقرة: ٦١] أي بلا جرم ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ [البقرة: ٦١] يَتَجَاوَزُونَ أَمْرِي وَيَرْتَكِبُونَ مَحَارِمِي.
1 / 32