62

Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

Mai Buga Littafi

دار السلام للنشر والتوزيع

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤١٦هـ

Inda aka buga

الرياض

Nau'ikan

قَوْلِهِمُ: اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ إِذَا صَرَخَ حِينَ يُولد، وَأَهَلَّ الْقَوْمُ بِالْحَجِّ إِذَا رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ، ﴿قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٨٩] جَمْعُ مِيقَاتٍ، أَيْ: فَعَلْنَا ذَلِكَ لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَوْقَاتَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالصَّوْمِ وَالْإِفْطَارِ وَآجَالَ الدُّيُونِ وَعَدَدَ النِّسَاءِ وَغَيْرَهَا، فَلِذَلِكَ خَالَفَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ الَّتِي هِيَ دَائِمَةٌ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا﴾ [البقرة: ١٨٩] قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: كَانَ النَّاسُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إِذَا أَحْرَمَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ، لَمْ يَدْخُلْ حَائِطًا وَلَا بَيْتًا وَلَا دَارًا مِنْ بَابِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدَرِ نَقَبَ نَقْبًا فِي ظَهْرِ بيت لِيَدْخُلَ مِنْهُ وَيَخْرُجَ، أَوْ يَتَّخِذَ سُلّمًا فَيَصْعَدَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَبَرِ خَرَجَ مِنْ خَلْفِ الْخَيْمَةِ وَالْفُسْطَاطِ وَلَا يَدْخُلُ وَلَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَابِ حَتَّى يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ، وَيَرَوْنَ ذَلِكَ بِرًّا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الحُمْسِ، وَهُمْ قُرَيْشٌ وَكِنَانَةُ وَخُزَاعَةُ وثَقيف وخَثعم وَبَنُو عَامِرِ بْنِ صَعْصَعة وبنو نضر بن معاوية، سُموا أحمسًا لِتَشَدُّدِهِمْ فِي دِينِهِمْ، وَالْحَمَاسَةُ الشِّدَّةُ وَالصَّلَابَةُ «فَدَخْلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ بَيْتًا لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ، فَدَخْلَ رَجُلٌ من الأنصار عَلَى أَثَرِهِ مِنَ الْبَابِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: "لمَ دَخَلْتَ مِنَ الْبَابِ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ؟ " قَالَ: رَأَيْتُكَ دَخَلْتَ فَدَخَلْتُ عَلَى أَثَرِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إني أحمسي» (١) فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنْ كُنْتَ أَحْمَسِيًّا فَإِنِّي أَحْمَسِيٌّ رضيتُ بِهَدْيِكَ وَسَمْتِكَ وَدِينِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الآية: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى﴾ [البقرة: ١٨٩] أَيِ: البِرَّ بِرّ مَنِ اتَّقَى ﴿وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾ [البقرة: ١٨٩] فِي حَالِ الْإِحْرَامِ، ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: ١٨٩] [١٩٠] ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٠] أَيْ: فِي طَاعَةِ اللَّهِ ﴿الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٠] كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ أَمَرَ الله تعالى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالْكَفِّ عَنْ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَمَرَهُ بِقِتَالِ مَنْ قَاتَلَهُ مِنْهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: هَذِهِ أَوَّلُ آيَةٍ نزلتْ فِي الْقِتَالِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً، قَاتَلُوا أَوْ لَمْ يقاتلوا بقوله: (اقتلوا الْمُشْرِكِينَ)، فَصَارَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَنْسُوخَةً بها، وقيل: نسخ بقوله: (اقتلوا الْمُشْرِكِينَ) قَرِيبٌ مِنْ سَبْعِينَ آيَةً. وقوله: ﴿وَلَا تَعْتَدُوا﴾ [البقرة: ١٩٠] أي لا تبدؤوهم بِالْقِتَالِ، وَقِيلَ: هَذِهِ الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، أُمِرَ النَّبِيُّ ﷺ بِقِتَالِ الْمُقَاتِلِينَ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَلَا تَعْتَدُوا، أَيْ: لَا تَقْتُلُوا النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَالشَّيْخَ الْكَبِيرَ وَالرُّهْبَانَ، وَلَا مَنْ أَلْقَى إليكم السلام (ولاَ تَعتَدُوا) فَتَبْدَءُوا بِالْقِتَالِ فِي الْحَرَمِ مُحْرِمِينَ، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: ١٩٠] [قَوْلُهُ تَعَالَى وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم] مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ. . . . . [١٩١] ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ [البقرة: ١٩١] قيل: نسخت

(١) أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وأبن المنذر انظر الدر المنثور للسيوطي ١ / ٤٩٢ وتفسير الطبري ٣ / ٥٥٦.

1 / 70