169

Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

Mai Buga Littafi

دار السلام للنشر والتوزيع

Bugun

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤١٦هـ

Inda aka buga

الرياض

Nau'ikan

﵄ عَنِ الْكَبَائِرِ: أسبع هي؟ قال: هي إِلَى السَّبْعِمِائَةِ أَقْرَبُ إِلَّا أَنَّهُ لَا كَبِيرَةَ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ، وَقَالَ: كُلُّ شَيْءٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ، فَمَنْ عَمِلَ شَيْئًا مِنْهَا فَلْيَسْتَغْفِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُخَلِّدُ فِي النَّارِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا رَاجِعًا عَنِ الْإِسْلَامِ أَوْ جَاحِدًا فَرِيضَةً أَوْ مُكَذِّبًا بِقَدَرٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: مَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ إِلَى قَوْلِهِ: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ)، فَهُوَ كَبِيرَةٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بن أبي طالب: هِيَ كُلُّ ذَنْبٍ خَتَمَهُ اللَّهُ بِنَارٍ أَوْ غَضِبٍ أَوْ لَعْنَةٍ أَوْ عَذَابٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَا أَوْعَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ حَدًّا فِي الدُّنْيَا أَوْ عَذَابًا فِي الْآخِرَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ: مَا سَمَّاهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ كَبِيرًا أَوْ عَظِيمًا نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [النِّسَاءِ: ٢] ﴿إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٣١] ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لُقْمَانَ: ١٣] ﴿إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾ [يُوسُفَ: ٢٨] ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ [النُّورِ: ١٦] ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا﴾ [الْأَحْزَابِ: ٥٣] قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: الْكَبَائِرُ مَا كَانَ فِيهِ الْمَظَالِمُ بينك وبين عباد الله تعالى، وَالصَّغَائِرُ مَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يعفو، وَقَالَ مَالِكُ بْنِ مِغْوَلٍ: الْكَبَائِرُ ذُنُوبُ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَالسَّيِّئَاتُ ذُنُوبُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقِيلَ: الْكَبَائِرُ ذُنُوبُ الْعَمْدِ وَالسَّيِّئَاتُ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ، وَحَدِيثُ النَّفْسِ الْمَرْفُوعُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَقِيلَ: الْكَبَائِرُ ذُنُوبُ الْمُسْتَحِلِّينَ مِثْلَ ذَنْبِ إِبْلِيسَ وَالصَّغَائِرُ ذُنُوبُ الْمُسْتَغْفِرِينَ مِثْلَ ذَنْبٍ آدَمَ ﵇، وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْكَبَائِرُ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الذُّنُوبِ الْكَبَائِرِ، وَالسَّيِّئَاتُ مُقَدِّمَاتُهَا وتوابعها مما يجمع فِيهِ الصَّالِحُ وَالْفَاسِقُ، مِثْلَ النَّظْرَةِ واللمسة والقبلة وأشباهها، وَقِيلَ: الْكَبَائِرُ مَا يَسْتَحْقِرُهُ الْعِبَادُ، وَالصَّغَائِرُ مَا يَسْتَعْظِمُونَهُ فَيَخَافُونَ مُوَاقَعَتَهُ: وَقِيلَ: الْكَبَائِرُ الشِّرْكُ، وَمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ، وَمَا دُونَ الشِّرْكِ فَهُوَ من السَّيِّئَاتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا﴾ [النساء: ٣١] أَيْ: حَسَنًا وَهُوَ الْجَنَّةُ، قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ (مَدْخَلًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ هَاهُنَا وَفِي الْحَجِّ، وَهُوَ مَوْضِعُ الدُّخُولِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالضَّمِّ عَلَى المصدر بمعنى الإدخال.
[٣٢]، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [النساء: ٣٢] الْآيَةَ، قَالَ مُجَاهِدٌ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرِّجَالَ يَغْزُونَ وَلَا نَغْزُو وَلَهُمْ ضِعْفُ مَا لَنَا مِنَ الْمِيرَاثِ، فَلَوْ كُنَّا رِجَالًا غَزَوْنَا كَمَا غَزَوْا وَأَخَذْنَا مِنَ الْمِيرَاثِ مِثْلَ مَا أَخَذُوا. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَقِيلَ: لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ ﷿ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فِي الْمِيرَاثِ، قَالَتِ النِّسَاءُ: نَحْنُ أَحَقُّ وَأَحْوَجُ إِلَى الزِّيَادَةِ مِنَ الرجال، لأنا ضعيفات وَهُمْ أَقْوَى وَأَقْدَرُ عَلَى طَلَبِ الْمَعَاشِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ)، وَقَالَ قَتَادَةُ والسدي لما أنزل الله قَوْلُهُ: ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: ١١] قال الرجل إِنَّا لِنَرْجُوَ أَنْ نُفَضَّلَ عَلَى النِّسَاءِ بِحَسَنَاتِنَا فِي الْآخِرَةِ فَيَكُونُ أَجْرُنَا عَلَى الضِّعْفِ مِنْ أَجْرِ النِّسَاءِ كَمَا فُضِّلْنَا عَلَيْهِنَّ فِي الْمِيرَاثِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا﴾ [النساء: ٣٢] مِنَ الْأَجْرِ ﴿وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾ [النساء: ٣٢] مَعْنَاهُ: أَنَّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ فِي الْأَجْرِ فِي الْآخِرَةِ سَوَاءٌ، وَذَلِكَ أن الحسنة تكون بعشرة أَمْثَالِهَا يَسْتَوِي فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَإِنْ فُضِّلَ الرِّجَالُ فِي الدُّنْيَا عَلَى النِّسَاءِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا مِنْ أَمْرِ الْجِهَادِ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ مِنْ طَاعَةِ الْأَزْوَاجِ وَحِفْظِ الْفُرُوجِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ٣٢] نهى اللَّهُ تَعَالَى عَنِ التَّمَنِّي لِمَا فِيهِ مِنْ دَوَاعِي الْحَسَدِ، وَالْحَسَدُ أن يتمنى الرجل زوال النعمة عن صاحبه سواء تمناها لنفسه أم لا، وَهُوَ حَرَامٌ، وَالْغِبْطَةُ أَنْ يَتَمَنَّى لِنَفْسِهِ مِثْلَ مَا لِصَاحِبِهِ وَهُوَ جَائِزٌ.

1 / 177