115

Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

Mai Buga Littafi

دار السلام للنشر والتوزيع

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤١٦هـ

Inda aka buga

الرياض

Nau'ikan

قبولا، مثل الولوغ والوزوغ، وَلَمْ يَأْتِ غَيْرُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَقِيلَ مَعْنَى التَّقَبُّلِ: التَّكَفُّلُ فِي التَّرْبِيَةِ وَالْقِيَامِ بِشَأْنِهَا، ﴿وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا﴾ [آل عمران: ٣٧] مَعْنَاهُ: وَأَنْبَتَهَا فَنَبَتَتْ نَبَاتًا حَسَنًا، ﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾ [آل عمران: ٣٧] قَالَ أَهْلُ الْأَخْبَارِ: أَخَذَتْ حَنَّةُ مَرْيَمَ حِينَ وَلَدَتْهَا، فَلَفَّتْهَا فِي خِرْقَةٍ وَحَمْلَتْهَا إِلَى الْمَسْجِدِ فَوَضَعَتْهَا عِنْدَ الْأَحْبَارِ أَبْنَاءِ هَارُونَ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَلُونَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَا يَلِي الْحَجَبَةُ مِنَ الْكَعْبَةِ، فَقَالَتْ لَهُمْ: دُونَكُمْ هَذِهِ النَّذِيرَةَ، فَتَنَافَسَ فِيهَا الْأَحْبَارُ لِأَنَّهَا كَانَتْ بِنْتَ إِمَامِهِمْ وَصَاحِبِ قُرْبَانِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ زَكَرِيَّا: أَنَا أَحَقُّكُمْ بِهَا، عندي خالتها وكان رَأْسَ الْأَحْبَارِ وَنَبِيَّهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾ [آل عمران: ٣٧] قرأ حمزة وعاصم والكسائي (وكفَّلها) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ، فَيَكُونُ زَكَرِيَّا فِي مَحَلِّ النَّصْبِ أَيْ: ضَمَنَهَا اللَّهُ وَضَمَّهَا إِلَيْهِ بِالْقُرْعَةِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بتخفيف فَيَكُونُ زَكَرِيَّا فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ، أَيْ: ضَمَّهَا زَكَرِيَّا إِلَى نَفْسِهِ وَقَامَ بِأَمْرِهَا، وَهُوَ زَكَرِيَّا بْنُ آذَنَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ صَدُوقَ مِنْ أَوْلَادِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ﵉، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ زَكَرِيَّا مَقْصُورًا، وَالْآخَرُونَ يَمُدُّونَهُ، فَلَمَّا ضَمَّ زَكَرِيَّا مَرْيَمَ إِلَى نَفْسِهِ بَنَى لَهَا بَيْتًا وَاسْتَرْضَعَ لَهَا، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ضَمَّهَا إِلَى خَالَتِهَا أَمِّ يَحْيَى حَتَّى إِذَا شَبَّتْ وَبَلَغَتْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ، بَنَى لَهَا مِحْرَابًا فِي الْمَسْجِدِ وَجُعِلَ بَابُهُ فِي وَسَطِهَا لَا يُرْقَى إِلَيْهَا إِلَّا بِالسُّلَّمِ مِثْلَ بَابِ الْكَعْبَةِ لَا يَصْعَدُ إِلَيْهَا غَيْرُهُ، وَكَانَ يَأْتِيهَا بِطَعَامِهَا وَشَرَابِهَا وَدُهْنِهَا كُلَّ يَوْمٍ، ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ﴾ [آل عمران: ٣٧] وَأَرَادَ بِالْمِحْرَابِ الْغُرْفَةَ، وَالْمِحْرَابُ أَشْرَفُ الْمَجَالِسِ وَمُقَدَّمُهَا، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَيُقَالُ لِلْمَسْجِدِ أَيْضًا مِحْرَابٌ، وقال الْمُبَرِّدُ: لَا يَكُونُ الْمِحْرَابُ إِلَّا أَنْ يُرتقى إِلَيْهِ بِدَرَجَةٍ، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: كَانَ زَكَرِيَّا إِذَا خَرَجَ يُغْلِقُ عَلَيْهَا سَبْعَةَ أبواب، فإذا دخل عليها فتحها، ﴿وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا﴾ [آل عمران: ٣٧] أَيْ: فَاكِهَةً فِي غَيْرِ حِينِهَا فَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ، وَفَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ، ﴿قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا﴾ [آل عمران: ٣٧] قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْنَاهُ: مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا، وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ وَقَالَ: مَعْنَاهُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ لَكِ هَذَا لِأَنَّ (أَنَّى) لِلسُّؤَالِ عَنِ الْجِهَةِ، (وَأَيْنَ) لِلسُّؤَالِ عَنِ الْمَكَانِ، ﴿قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ٣٧] أَيْ: من قطف الجنة، وقال أبو الحسن: إن مريم من حين ولدت لم تلقم ثديها قط بل كَانَ يَأْتِيهَا رِزْقُهَا مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ لَهَا زَكَرِيَّا أَنَّى لَكِ هذا؟ فتقول: ﴿هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٣٧] تَكَلَّمَتْ وَهِيَ صَغِيرَةٌ، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [آل عمران: ٣٧] قَالَ أَهْلُ الْأَخْبَارِ: فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ زَكَرِيَّا قَالَ: إِنَّ الَّذِي قَدَرَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ مَرْيَمَ بِالْفَاكِهَةِ فِي غَيْرِ حِينِهَا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ لَقَادِرٌ عَلَى أَنْ يُصْلِحَ زَوْجَتِي وَيَهَبَ لِي وَلَدًا في غير حينه على الْكِبَرِ، فَطَمِعَ فِي الْوَلَدِ وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ كَانُوا قَدِ انْقَرَضُوا، وَكَانَ زَكَرِيَّا قَدْ شَاخَ وأيس من الولد.
[٣٨] قال تعالى: ﴿هُنَالِكَ﴾ [آل عمران: ٣٨] أَيْ: عِنْدَ ذَلِكَ. ﴿دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ﴾ [آل عمران: ٣٨] فدخل المحراب وغلق الأبواب وناجى ربه ﴿قَالَ رَبِّ﴾ [آل عمران: ٣٨] أَيْ: يَا رَبِّ، ﴿هَبْ لِي﴾ [آل عمران: ٣٨] أعطني ﴿مِنْ لَدُنْكَ﴾ [آل عمران: ٣٨] أَيْ: مِنْ عِنْدِكَ، ﴿ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ [آل عمران: ٣٨] أَيْ: وَلَدًا مُبَارَكًا تَقِيًّا صَالِحًا رضيا، والذرية تكون واحدا أو جمعا ذَكَرًا وَأُنْثَى، وَهُوَ هَاهُنَا وَاحِدٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ﷿: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا﴾ [مَرْيَمَ: ٥] وَإِنَّمَا قَالَ: طَيِّبَةً لِتَأْنِيثِ لَفْظِ الذرية، ﴿إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [آل عمران: ٣٨] أَيْ: سَامِعُهُ، وَقِيلَ: مُجِيبُهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ﴾ [يس: ٢٥] أَيْ: فَأَجِيبُونِي.
[٣٩] ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [آل عمران: ٣٩] أراد بِالْمَلَائِكَةِ هَاهُنَا جِبْرِيلَ ﵇ وَحْدَهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النحل. ﴿يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ﴾ [النحل: ٢] يعني جبريل بالروح والوحي، وَيَجُوزُ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَنْ يُخْبَرَ عَنِ الْوَاحِدِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، كَقَوْلِهِمْ. سَمِعْتُ هَذَا الْخَبَرَ مِنَ النَّاسِ وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنْ وَاحِدٍ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ١٧٣] يَعْنِي: نُعَيْمَ بن مسعود،

1 / 123