99

Takaitaccen Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Editsa

سيد إبراهيم

Mai Buga Littafi

دار الحديث

Bugun

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Inda aka buga

القاهرة - مصر

Nau'ikan

الْخَلِيقَةِ رَبَّهَا وَفَاطِرَهُمُ الْمُحْسِنَ إِلَيْهَا بِأَنْوَاعِ الْإِحْسَانِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَتَعْرِيفِ الطَّرِيقِ الْمُوَصِّلِ إِلَى رِضَاهُ.
وَيُقَابِلُ ذَلِكَ تَعْرِيفُ حَالِ الدَّاعِي إِلَى الْبَاطِلِ وَالطُّرُقِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَيْهِ، وَحَالِ السَّالِكِينَ تِلْكَ الطَّرِيقَ وَإِلَى أَيْنَ تَنْتَهِي بِهِمْ، وَلِهَذَا تَقَبَّلُهَا الْعُقُولُ الْكَامِلَةُ أَحْسَنَ تَقَبُّلٍ بِالتَّسْلِيمِ وَالْإِذْعَانِ، وَتَسْتَدِيرُ حَوْلَهَا بِحِمَايَةِ حَوْزَتِهَا وَالذَّبِّ عَنْ سُلْطَانِهَا، فَمِنْ نَاصِرٍ بِاللُّغَةِ الشَّايِعَةِ، وَحَامٍ بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ، وَذَابٍّ عَنْهُ بِالْبُرْهَانِ، وَمُجَاهِدٍ بِالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ وَالسِّنَانِ وَمُتَفَقِّهٍ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَمُعْتَنٍ بِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَحَافِظِ الْمُتُونِ وَالسُّنَّةِ وَأَسَانِيدِهَا وَمُفَتِّشٍ عَنْ أَحْوَالِ رُوَاتِهَا وَنَاقِدٍ لِصَحِيحِهَا مِنْ سَقِيمِهَا وَمَعْلُولِهَا مِنْ سَلِيمِهَا.
فَهَذِهِ الشَّرِيعَةُ ابْتِدَاؤُهَا مِنَ اللَّهِ وَانْتِهَاؤُهَا إِلَيْهِ لَيْسَ فِيهَا حَدِيثُ الْمُنَجِّمِ فِي تَأْثِيرَاتِ الْكَوَاكِبِ وَحَرَكَاتِ الْأَفْلَاكِ وَهَيْئَاتِهَا وَمَقَادِيرِ الْأَجْرَامِ وَلَا حَدِيثُ التَّرْبِيعِ وَالتَّثْلِيثِ وَالتَّسْدِيسِ وَالْمُقَارَنَةِ، وَلَا حَدِيثُ صَاحِبِ الطَّبِيعَةِ النَّاظِرِ فِي آثَارِهَا، وَاشْتِبَاكِ الِاسْتِفَاضَاتِ وَامْتِزَاجِهَا وَقِوَامِهَا، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ وَالرُّطُوبَةِ وَالْيُبُوسَةِ، وَمَا الْفَاعِلُ مِنْهَا وَمَا الْمُنْفَعِلُ، وَلَا فِيهَا حَدِيثٌ لِمُهَنْدِسٍ وَلَا لِبَاحِثٍ عَنْ مَقَادِيرِ الْأَشْيَاءِ وَنَقْطِهَا وَخُطُوطِهَا، وَسُطُوحِهَا وَأَجْسَامِهَا وَأَضْلَاعِهَا وَزَوَايَاهَا وَمَعَاطِفِهَا، وَمَا الْكُرَةُ وَمَا الدَّائِرَةُ وَالْخَطُّ الْمُسْتَقِيمُ وَالْمُنْحَنَى، وَلَا فِيهَا هَذَيَانُ الْمَنْطِقِيِّينَ وَنَحْوَهُمْ فِي النَّوْعِ وَالْجِنْسِ وَالْفَصْلِ وَالْخَاصَّةِ وَالْعَرَضِ الْعَامِّ، وَالْمَقُولَاتِ الْعَشْرِ، وَالْمُخْتَلِطَاتِ وَالْمُوَجِّهَاتِ الصَّادِرُ عَنْ رَجُلٍ مُشْرِكٍ مِنْ يُونَانَ كَانَ يَعْبُدُ الْأَوْثَانَ وَلَا يَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، وَلَا يُصَدِّقُ بِمَعَادِ الْأَبْدَانِ، وَلَا أَنَّ اللَّهَ يُرْسِلُ رَسُولًا بِكَلَامِهِ إِلَى نَوْعِ الْإِنْسَانِ.
فَجَعَلَ هَؤُلَاءِ الْمُعَارِضُونَ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ، عَقْلَ هَذَا الرَّجُلِ مِعْيَارًا عَلَى كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ وَمَا أَرْسَلَ بِهِ رُسُلَهُ، فَمَا زَكَّاهُ مَنْطِقُهُ وَآلَتُهُ وَقَانُونُهُ الَّذِي وَضَعَهُ بِعَقْلِهِ قَبِلُوهُ، وَمَا لَمْ يُزَكِّهِ تَرَكُوهُ.
وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَدِلَّةُ الَّتِي أَفْسَدَتْ عُقُولَ هَؤُلَاءِ صَحِيحَةً لَكَانَ صَاحِبُ الشَّرِيعَةِ يُقَوِّمُ شَرِيعَتَهُ بِهَا وَيُكْمِلُهَا بِاسْتِعْوَالِهِا، وَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى يُنَبِّهُ عَلَيْهَا وَيَحُضُّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِهَا.
فَيَا لِلْعُقُولِ أَيْنَ الدِّينُ مِنَ الْفَلْسَفَةِ؟ وَأَيْنَ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ آرَاءِ الْيُونَانِ وَالْمَجُوسِ وَعُبَّادِ الْأَصْنَامِ وَالصَّابِئِينَ؟ وَالْوَحْيُ حَاكِمٌ وَالْعَقْلُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ.

1 / 114