Takaitaccen Sawaciq Mursala
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Editsa
سيد إبراهيم
Mai Buga Littafi
دار الحديث
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Inda aka buga
القاهرة - مصر
Nau'ikan
، فَالْجَنَّةُ لَا يَنَالُهَا الْمُكَلَّفُونَ إِلَّا بِالْجِهَادِ وَالصَّبْرِ، فَخَلْقُ الشَّيَاطِينِ وَأَوْلِيَائِهِمْ وَجُنْدِهِمْ مَنْ أَعْظَمِ النِّعَمَ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُمْ بِسَبَبِ وُجُودِهِمْ صَارُوا مُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُحِبُّونَ لِلَّهِ وَيَبْغَضُونَ لِلَّهِ، يُوَالُونَ فِيهِ وَيُعَادُونَ فِيهِ، وَلَا تَكْمُلُ نَفْسُ الْعَبْدِ وَلَا يَصْلُحُ لَهَا الزَّكَاةُ وَالْفَلَاحُ إِلَّا بِذَلِكَ، وَفِي التَّوْرَاةِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِمُوسَى: اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ فَإِنِّي سَأُقَسِّي قَلْبَهُ لِتَظْهَرَ آيَاتِي وَعَجَائِبِي، وَيَتَحَدَّثَ بِهَا جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ بِتَكْذِيبِ الْمُشْرِكِينَ لِمُحَمَّدٍ ﷺ، وَسَعْيِهِمْ فِي إِبْطَالِ دَعْوَتِهِ وَمُحَارَبَتِهِ كَانَتْ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ أِعْظَمِ النِّقَمِ عَلَى الْكَافِرِينَ، فَكَمْ حَصَلَ فِي ضِمْنِ هَذِهِ الْمُعَادَاةِ وَالْمُحَارَبَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلِأَصْحَابِهِ وَلِأُمَّتِهِ مِنْ نِعْمَةٍ، وَكَمْ رُفِعَتْ بِهَا دَرَجَةً، وَكَمْ قَامَتْ بِهَا لِدَعْوَتِهِ عَنْ حُجَّةٍ وَكَمْ أَعْقَبَ ذَلِكَ مِنْ نَعِيمٍ مُقِيمٍ وَسُرُورٍ دَائِمٍ، وَلِلَّهِ كَمْ مِنْ فَرْحَةٍ وَقُرَّةِ عَيْنٍ فِي مُغَايَظَةِ الْعَدُوِّ وَكُتُبِهِ، فَمَا طَابَ الْعَيْشُ إِلَّا بِذَلِكَ، فَمُعْظَمُ اللَّذَّةِ فِي غَيْظِ عَدُوِّكَ، فَمِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنَيْنَ أَنْ خَلَقَ لَهُمْ مِثْلَ هَذَا الْعَدْوِ، وَأَنَّ الْقُلُوبَ الْمُشْرِقَةَ بِنُورِ الْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ لَتَعْلَمُ أَنَّ النِّعْمَةَ بِخَلْقِ هَذَا الْعَدُوِّ لَيْسَتْ بِدُونِ النِّعْمَةِ بِخَلْقِ أَسْبَابِ اللَّذَّةِ وَالنِّعْمَةِ، فَلَيْسَتْ بِأَدْنَى النِّعْمَتَيْنِ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ مَقْصُورَةً لِغَيْرِهَا، فَإِنَّ الَّذِي يَتَرَتَّبُ مِنَ الْخَيْرِ الْمَقْصُودِ لِذَاتِهِ أَنْفَعُ وَأَفْضَلُ وَأَجَلُّ مِنْ فَوَاتِهِ.
[حكمة الله تعالى في خلق إبليس]
فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ خَلْقُ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، فَأَيُّ حِكْمَةٍ وَمَصْلَحَةٍ حَصَلَتْ لِهَؤُلَاءِ بِخَلْقِهِمْ؟ فَكَيْفَ اقْتَضَتِ الْحِكْمَةُ أَنْ خَلَقَهُمْ لِضَرَرِهِمُ الْمَحْضِ لِأَجْلِ مَنْفَعَةِ أُولَئِكَ؟ وَإِذَا أَثْبَتُّمُ اقْتِضَاءَ الْحِكْمَةِ لِذَلِكَ طُولِبْتُمْ بِأَمْرٍ هُوَ أَشْكَلُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا، وَهُوَ مَا جَعَلَ مِنَ الْمَضَارِّ وَسِيلَةً إِلَى حُصُولِ غَيْرِهِ إِنْ لَمْ تَكُنِ الْغَايَةُ حَاصِلَةٌ مِنْهُ وَإِلَّا كَانَ فِي تَفْوِيتِهِ أَوْلَى لِمَا فِي تَفْوِيتِهِ مِنْ عَدَمِ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ، وَهَذِهِ الْوَسِيلَةُ قَدْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا دُخُولُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَلْفِ إِلَى الْجَنَّةِ وَتِسْعِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ إِلَى النَّارِ، فَأَيْنَ الْحِكْمَةُ وَالْمَصْلَحَةُ الَّتِي حَصَلَتْ لِلْمُكَلَّفِينَ فِي خَلْقِ الشَّيَاطِينِ؟ فَهَذَانِ سُؤَلَانِ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَا يَتِمُّ مَقْصُودُكُمْ إِلَّا بِالْجَوَابِ عَنْهُمَا.
قِيلَ: حَاصِلُ السُّؤَالَيْنِ أَنَّهُ أَيُّ مَصْلَحَةٍ فِي خَلْقِ الشَّيَاطِينِ وَالْكَفَرَةِ لِأَنْفُسِهِمْ، وَأَنَّ مُفْسِدَةَ مَنْ خُلِقُوا لِمَصْلَحَتِهِ بِهِمْ أَضْعَافُ مَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الْمَصْلَحَةِ، وَالْجَوَابُ عَنْهَا مِنْ عِدَّةِ مَسَالِكً:
1 / 254