181

Takaitaccen Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Bincike

سيد إبراهيم

Mai Buga Littafi

دار الحديث

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Inda aka buga

القاهرة - مصر

Nau'ikan

كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يُحِبُّ النَّظَرَ وَالْبَحْثَ وَالْمَعْقُولَ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُرِيدُ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، ثُمَّ أَصَّلُوا تَأْصِيلًا مُسْتَلْزِمًا لِبُطْلَانِ التَّفْصِيلِ، ثُمَّ فَصَّلُوا تَفْصِيلًا عَلَى بُطْلَانِ الْأَصْلِ فَصَارُوا حَارِثِينَ بَيْنَ التَّأْصِيلِ وَالتَّفْصِيلِ، وَصَارَ مَنْ فَرَدَ مِنْهُمْ هَذَا الْأَصْلَ خَارِجًا عَنِ الْعَقْلِ وَالسَّمْعِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَمَنْ لَمْ يَطْرُدْهُ مُتَنَاقِضًا مُضْطَرِبَ الْأَقْوَالِ، وَقَدْ سَلَكَ النَّاسُ فِي إِثْبَاتِ الصَّانِعِ وَحُدُوثِ الْعَالَمِ طُرُقًا مُتَعَدِّدَةً سَهْلَةً قَرِيبَةً إِلَى الْمَقْصُودِ، لَمْ يَتَعَرَّضُوا فِيهَا لِطَرِيقِ هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَإِنَّمَا سَلَكَ الْمُتَكَلِّمُونَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِالْأَعْرَاضِ مَذْهَبَ الْفَلَاسِفَةِ وَأَخَذُوهُ عَنْهُمْ، وَفِي الْأَعْرَاضِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ، مِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُهَا وَلَا يُثْبِتُهَا رَأْسًا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَوَاهِرِ فِي أَنَّهَا قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا كَالْجَوَاهِرِ. قُلْتُ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِكُمُونِهَا وَظُهُورِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ بَقَائِهَا، ثُمَّ سَلَكَ طُرُقًا فِي إِثْبَاتِ الصَّانِعِ مِنْهَا الِاسْتِدْلَالُ بِأَحْوَالِ الْإِنْسَانِ مِنْ مَبْدَئِهِ إِلَى غَايَتِهِ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِأَحْوَالِ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْأَجْرَامِ الْعُلْوِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَالِاسْتِدْلَالُ بِطَرِيقِ الْأَعْرَاضِ لَا يَصِحُّ إِلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَاءِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ، وَطَرِيقُنَا الَّذِي سَلَكْنَاهُ بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الْآفَاتِ سَلِيمٌ مِنْ هَذِهِ الرِّيَبِ. قَالَ: وَقَدْ سَلَكَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي هَذِهِ الطُّرُقِ الِاسْتِدْلَالَ بِمُقَدِّمَاتِهَا النُّبُوَّةِ وَمُعْجِزَاتِ الرِّسَالَةِ الَّتِي دَلَائِلُهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ طَرِيقِ الْحِسِّ لِمَنْ شَاهَدَهَا، وَمِنْ طَرِيقِ اسْتِفَاضَةِ الْخَيْرِ لِمَنْ غَابَ عَنْهَا، فَلَمَّا ثَبَتَتِ النُّبُوَّةُ صَارَتْ أَصْلًا فِي وُجُوبِ قَبُولِ مَا دَعَا إِلَيْهِ الرَّسُولُ ﷺ، قَالَ: وَهَذَا النَّوْعُ مُقْنِعٌ فِي الِاسْتِدْلَالِ لِمَنْ لَمْ يَتَّسِعْ فَهْمُهُ لِإِدْرَاكِ وُجُوهِ الْأَدِلَّةِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ مَعَانِي تَعَلُّقِ الْأَدِلَّةِ بِمَدْلُولَاتِهَا، وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا. [أقوى الطرق وأدلها على الصانع] قُلْتُ: وَهَذِهِ الطَّرِيقُ مِنْ أَقْوَى الطُّرُقِ وَأَصَحِّهَا وَأَدَلِّهَا عَلَى الصَّانِعِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَارْتِبَاطُ أَدِلَّةِ هَذِهِ الطَّرِيقِ بِمَدْلُولَاتِهَا أَقْوَى مِنِ ارْتِبَاطِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِىةِ الصَّرِيحَةِ بِمَدْلُولَاتِهَا، فَإِنَّهَا جَمَعَتْ بَيْنَ دَلَالَةِ الْحِسِّ وَالْعَقْلِ وَدَلَالَتُهَا ضَرُورِيَّةٌ بِنَفْسِهَا، وَلِهَذَا يُسَمِّيهَا اللَّهُ تَعَالَى آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، وَلَيْسَ فِي طُرُقِ الْأَدِلَّةِ أَوْثَقُ وَلَا أَقْوَى مِنْهَا، فَإِنَّ انْقِلَابَ عَصًا تُقِلُّهَا الْيَدُ ثُعْبَانًا عَظِيمًا يَبْتَلِعُ مَا يَمُرُّ بِهِ ثُمَّ يَعُودُ عَصًا كَمَا كَانَتْ مِنْ أَدَلٍّ دَلِيلٍ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ، وَحَيَاتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَعِلْمِهِ بِالْكُلِّيَّاتِ وَالْجُزْئِيَّاتِ ; وَعَلَى رِسَالَةِ الرَّسُولِ، وَعَلَى الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ، فَكُلُّ قَوَاعِدِ الدِّينِ فِي هَذِهِ الْعَصَا وَكَذَلِكَ

1 / 196