Takaitaccen Sawaciq Mursala
مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة
Bincike
سيد إبراهيم
Mai Buga Littafi
دار الحديث
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Inda aka buga
القاهرة - مصر
Nau'ikan
عَصْرِهِ أَحَدٌ عَارَضَ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ مُعَارَضَةً رَامَ بِهَا إِبْطَالَ النَّقْلِ بِالْكُلِّيَّةِ مِثْلُهُ، فَإِنَّهُ أَقَامَ الدَّعْوَةَ الْفَلْسَفِيَّةَ، وَاتَّخَذَ الْإِشَارَاتِ عِوَضًا عَنِ السُّوَرِ وَالْآيَاتِ، وَقَالَ: هَذِهِ عَقْلِيَّاتٌ قَطْعِيَّةٌ بُرْهَانِيَّةٌ قَدْ قَابَلَتْ تِلْكَ النَّقْلِيَّاتِ الْخِطَابِيَّةَ ; وَاسْتَعْرَضَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَعُلَمَاءَ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ عَلَى السَّيْفِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا مَنْ قَدْ أَعْجَزَهُ، قَصْدًا لِإِبْطَالِ الدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَجَعَلَ مَدَارِسَ الْمُسْلِمِينَ وَأَوْقَافَهُمْ لِلْنَجَسِيَّةِ السَّحَرَةِ وَالْمُنَجِّمِينَ وَالْفَلَاسِفَةِ وَالْمَلَاحِدَةِ وَالْمَنْطِقِيِّينَ، وَرَأَى إِبْطَالَ الْأَذَانِ وَتَحْوِيلَ الصَّلَاةِ إِلَى الْقُطْبِ الشَّمَالِيِّ، فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ مَنْ تَكَفَّلَ بِحِفْظِ الْإِسْلَامِ وَنَصْرِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْمُعَارِضِينَ بَيْنَ الْوَحْيِ وَالْعَقْلِ.
وَلِتَكُنْ قِصَّةُ شَيْخِ هَؤُلَاءِ الْقَدِيمِ مِنْكَ عَلَى ذِكْرٍ كُلَّ وَقْتٍ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ عَارَضَ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ، وَقَدَّمَ الْعَقْلَ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا قَصَّ اللَّهُ، وَوَرَّثَ الشَّيْخُ تَلَامِذَتَهُ هَذِهِ الْمُعَارَضَةَ، فَلَمْ يَزَلْ يَجْرِي عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ مِنْهَا كُلَّ مِحْنَةٍ وَبَلِيَّةٍ، وَأَصْلَ كُلِّ بَلِيَّةٍ فِي الْعَالَمِ، كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ الشَّهْرَسْتَانِيُّ: مِنْ مُعَارَضَةِ النَّصِّ بِالرَّأْيِ وَتَقْدِيمِ الْهَوَى عَلَى الشَّرْعِ، وَالنَّاسُ إِلَى الْيَوْمِ فِي شُرُورِ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ، ثُمَّ ظَهَرَ مَعَ هَذَا الشَّيْخِ الْمُتَأَخِّرِ الْمُعَارِضِ أَشْيَاءُ لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ قَبْلَهُ: حِسِّيَّاتُ الْعَمِيدِيِّ، وَحَقَائِقُ ابْنِ عَرَبِيٍّ، وَتَشْكِيكَاتُ الرَّازِيِّ، وَقَامَ سُوقُ الْفَلْسَفَةِ وَالْمَنْطِقِ وَعُلُومِ أَعْدَاءِ الرُّسُلِ.
[قيام ابن تيمية بالحجة واليد على غزو أهل الضلال]
ثُمَّ نَظَرَ اللَّهُ إِلَى عِبَادِهِ وَانْتَصَرَ لِكِتَابِهِ وَدِينِهِ، وَأَقَامَ جُنْدًا يَغْزُو مُلُوكَ هَؤُلَاءِ بِالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ، وَجُنْدًا يَغْزُو عُلَمَاءَهُمْ بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ، ثُمَّ نَبَغَتْ نَابِغَةٌ مِنْهُمْ فِي رَأْسِ الْقَرْنِ السَّابِعِ، فَأَقَامَ اللَّهُ لِدِينِهِ شَيْخَ الْإِسْلَامِ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ تَيْمِيَّةَ، قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ، فَأَقَامَ عَلَى غَزْوِهِمْ مُدَّةَ حَيَاتِهِ بِالْيَدِ وَالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ ; وَكَشَفَ لِلنَّاسِ بَاطِلَهُمْ وَبَيَّنَ تَلْبِيسَهُمْ وَتَدْلِيسَهُمْ، وَقَابَلَهُمْ بِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ وَصَحِيحِ الْمَنْقُولِ، وَشَفَى وَاشْتَفَى، وَبَيَّنَ تُنَاقُضَهُمْ وَمُفَارَقَتَهُمْ لِحُكْمِ الْعَقْلِ الَّذِي بِهِ يَدُلُّونَ وَإِلَيْهِ يَدْعُونَ، وَأَنَّهُمْ أَتْرَكُ النَّاسِ لِأَحْكَامِهِ وَقَضَايَاهُ، فَلَا وَحْيَ وَلَا عَقْلَ، فَأَرْدَاهُمْ فِي حُفَرِهِمْ، وَرَشَقَهُمْ بِسِهَامِهِمْ، وَبَيَّنَ أَنَّ صَحِيحَ مَعْقُولَاتِهِمْ خَدَمٌ لِنُصُوصِ الْأَنْبِيَاءِ، فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ خَيْرًا.
الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ وَالنَّقْلِ الصَّحِيحِ ثُبُوتَ صِفَاتِ الْكَمَالِ لِلرَّبِّ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّهُ أَحَقُّ بِالْكَمَالِ مِنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، وَأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْقُوَّةُ كُلُّهَا لِلَّهِ، وَكَذَا الْعِزَّةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْكَلَامُ، وَسَائِرُ صِفَاتِ الْكَمَالِ التَّامِّ اثْنَانِ، وَأَنَّ الْكَمَالَ
1 / 178