136

Takaitaccen Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Bincike

سيد إبراهيم

Mai Buga Littafi

دار الحديث

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Inda aka buga

القاهرة - مصر

Nau'ikan

[أصول المعارضين للشرع بالعقل تنفي وجود الصانع لا صفاته فحسب] إِنَّ أُصُولَهُمُ الَّتِي عَارَضُوا بِهَا الْوَحْيَ تَنْفِي وُجُودَ الصَّانِعِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ صَانِعًا لِلْعَالَمِ، بَلْ تَجْعَلُهُ مُمْتَنِعَ الْوُجُودِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ وَاجِبًا، لِأَنَّ الصِّفَاتِ الَّتِي وَصَفُوهُ بِهَا صِفَاتُ مَعْدُومٍ مُمْتَنِعَةٌ فِي الْعَقْلِ وَالْخَارِجِ، فَالْعَقْلُ لَا يَتَصَوَّرُهُ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ الْمُمْتَنِعِ كَمَا تُفْرَضُ الْمُسْتَحِيلَاتُ، وَلَا يُمْكِنُ فِي الْخَارِجِ وَجُودُهُ، فَإِنَّ ذَاتًا هِيَ وُجُودٌ مُطْلَقٌ لَا مَاهِيةَ لَهَا سِوَى الْوُجُودِ الْمُطْلَقِ الْمُجَرَّدِ عَنْ كُلِّ مَاهِيَّةٍ، وَلَا صِفَةَ لَهَا الْبَتَّةَ، وَلَا فِيهَا مَعْنَيَانِ مُتَغَايِرَانِ فِي الْمَفْهُومِ، وَلَا هِيَ هَذَا الْعَالَمُ، وَلَا صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ، وَلَا دَاخِلَةً فِيهِ، وَلَا خَارِجَةً عَنْهُ، وَلَا مُتَّصِلَةً بِهِ، وَلَا مُنْفَصِلَةً عَنْهُ، وَلَا مُحَايَثَةً لَهُ، وَلَا فَوْقَهُ وَلَا تَحْتَهُ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ يَسَارِهِ، وَلَا تَرَى، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَرَى، وَلَا تُدْرِكُ شَيْئًا، وَلَا تُدْرِكُ هِيَ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَوَاسِّ، وَلَا مُتَحَرِّكَةً وَلَا سَاكِنَةً، وَلَا تُوصَفُ بِغَيْرِ السُّلُوبِ وَالْإِضَافَاتِ الْعَدَمِيَّةِ، وَلَا تُنْعَتُ بِشَيْءٍ مِنَ الْأُمُورِ الثُّبُوتِيَّةِ، هِيَ بِامْتِنَاعِ الْوُجُودِ أَحَقُّ مِنْهَا بِإِمْكَانِ الْوُجُودِ، فَضْلًا عَنْ وُجُوبِهِ، وَتَكَلُّفُ الْعَقْلِ الِاعْتِرَافَ بِوُجُودِ هَذِهِ الذَّاتِ وَوُجُوبِهَا كَتَكْلِيفِهِ الْجَمْعَ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الذَّاتِ لَا تَصْلُحُ لِفِعْلٍ وَلَا رُبُوبِيَّةٍ وَلَا إِلَهِيَّةٍ، فَأَيُّ ذَاتٍ فُرِضَتْ فِي الْوُجُودِ فَهِيَ أَكْمَلُ مِنْهَا، فَالَّذِي جَعَلُوهُ وَاجِبَ الْوُجُودِ هُوَ أَعْظَمُ اسْتِحَالَةً مِنْ كُلِّ مَا يُقَدَّرُ مُسْتَحِيلًا، فَلَا يَكْثُرُ بَعْدَ هَذَا عَلَيْهِمْ إِنْكَارُهُمْ لِصِفَاتِهِ كَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَحَيَاتِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، وَلَا إِنْكَارُهُمْ لِكَلَامِهِ وَتَكْلِيمِهِ، فَضْلًا عَنِ اسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ وَنُزُولِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَمَجِيئِهِ، وَإِتْيَانِهِ، وَفَرَحِهِ، وَحُبِّهِ، وَغَضَبِهِ، وَرِضَاهُ، فَمَنْ هَدَمَ قَوَاعِدَ الْبَيْتِ مِنْ أَصْلِهَا كَانَ عَلَيْهِمْ هَدْمُ السَّقْفِ وَالْجُدْرَانِ أَهْوَنَ. وَلِهَذَا كَانَ حَقِيقَةُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ الْقَوْلَ بِالدَّهْرِ وَإِنْكَارَ الْخَالِقِ بِالْكُلِّيَّةِ وَقَوْلَهُمْ: ﴿مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾ [الجاثية: ٢٤] وَإِنَّمَا صَانَعُوا الْمُسْلِمِينَ أَلْفَاظًا لَا حَقِيقَةَ لَهَا، وَاشْتَقَّ إِخْوَانُهُمُ الْجَهْمِيَّةُ النَّفْيَ وَالتَّعْطِيلَ مِنْ أُصُولِهِمْ، فَسَدُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ طَرِيقَ الْعِلْمِ بِإِثْبَاتِ الْخَالِقِ وَتَوْحِيدِهِ بِمُشَارَكَتِهِمْ لَهُمْ فِي الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ بَايَنُوهُمْ فِي بَعْضِ لَوَازِمِهِمْ، كَإِثْبَاتِهِمْ كَوْنَ الرَّبِّ تَعَالَى قَادِرًا مُرِيدًا فَاعِلًا بِالِاخْتِيَارِ وَإِثْبَاتِهِمْ مَعَادَ الْأَبْدَانِ، وَالنُّبُوَّةَ وَلَكِنْ لَمْ يُثْبِتُوا ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَلَا نَفَوْهُ نَفْيَ إِخْوَانِهِمُ الْمَلَاحِدَةِ، بَلِ اشْتَقُّوا مَذْهَبًا بَيْنَ الْمَذْهَبَيْنِ، وَسَلَكُوا طَرِيقًا بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ، لَا لِلْمَلَاحِدَةِ فِيهِ وَافَقُوا، وَلَا لِلرُّسُلِ اتَّبَعُوا.

1 / 151