بسم الله الرحمن الرحيم
[مقدمة المؤلف]
الحمد لله نحمده ونستعينه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، لا هادي لمن أضل، ولا مضل لمن هدى، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الهادي، وعلى آله نجوم الاهتداء.
وبعد:
فإن الواجب على كافة ذوي الألباب التعلم لما تعم به البلوى، ومعرفة الحلال والحرام، وغير ذلك مما استودعه الشرع والكتاب، إذ هو السبب الموصل إلى جنة المأوى، قال الله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون(122)}[ التوبة]، ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( اطلبوا العلم ولو بالصين))، وغير ذلك من الأدلة الكثيرة الدالة على أنه لا نجاة إلا لمن تعلم ما لابد منه من المسائل الشهيرة، فلذا وضع هذا المختصر المبارك إن شاء الله تعالى عن أمر إمامنا أمير المؤمنين المنصور بالله رب العالمين أبي محمد أحمد بن هاشم بن محمد بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أيده الله بعزيز نصره، في مسائل كثيرة الدوران، لا يخلوا عنها في الأغلب إنسان، على منوال المذهب الشريف صانه الله عن الزيغ والتحريف، نسأل الله قبول الأعمال، والعصمة في الأقوال والأفعال.
Shafi 11
### || باب ما يجب على المكلف من مسائل أصول الدين
[التوحيد]
يجب عليه أن يعلم أن الله واحد أحد، ليس له ند ولا شبيه ، وأنه
على خلاف ما يتوهمه المتوهمون أو يظن الظانون، وأنه لا يشبه شيئا من مخلوقاته {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير(11)}[ الشورى]، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير(103)}[الأنعام].
[العدل]
وأنه تعالى عن كل شأن شأنه عدل في جميع أفعاله، وأنه بريء عن مقالة الجاهلين، مقدس عن ظلم المظلومين، وعن القضاء بالفساد للمفسدين، متعال عن الرضى بمعاصي العاصين، بريء من أفعال العباد، غير مدخل لعباده في الفساد، ولامخرج لهم من الخير والرشاد {إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون(28)}[الأعراف].
Shafi 12
[الوعد والوعيد]
وأنه تعالى عن كل شأن شأنه لا يخلف الميعاد، وأن كل ما وعد به
أولياءه أو توعد به أعداءه لا مرية فيه ولا لبس، وأن من دخل الجنة أو النار من الأبرار والفجار غير خارج أبد الأبد .
[النبوة]
وأن يعلم أن كل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فهو
حق مرضي لله تعالى، وأنه لا يفرض ولا يقول في صغير ولا كبير إلا وهو لله رضى، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم نصح لله في عباده، وجاهد له في بلاده حتى قبضه الله ، وأنه لم يترك الأمة في عمياء من أمرها، بل قد أوضح لها جميع أسبابها، ودلها على أبواب نجاتها: {ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم (42)}[الأنفال].
[الإمامة]
وأن يعلم أن ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام واجبة على جميع المسلمين، فرض من الله رب العالمين، لا ينجو أحد ولا يتم له اسم الإيمان إلا بذلك، لأن الله تعالى يقول: {إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا [الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون(55)]}الآية[المائدة].
Shafi 13
وأن يعلم ويعتقد التفضيل والإمامة للحسنين، لما ورد فيهما من الأخبار المتواترة، والآثار المشهورة.
وإذا علم جميع ذلك وجب عليه أن يعرف أولي الأمر من ذريتهما الذين أمر الخلق بطاعتهم، فيعلم أن الأمر، والنهي، والحكمة، والإمامة من بعدهما في ذريتهما دون غيرهم، ولا تجوز إلا فيهم ولا ترد إلا إليهم.
وأن الإمامة من بعدهما لمن سار بسيرتهما واحتذى حذوهما، وكان ورعا تقيا، في أمر الله جاهدا، وفي حطام الدنيا زاهدا، وكان فهما لما يحتاج إليه، عالما بتفسير ما يرد عليه، شجاعا كميا، بذولا سخيا، رؤوفا بالرعية، مواسيا لهم بنفسه غير مستأثر عليهم، ولا حاكم بغير حكم الله فيهم، شاهرا لسيفه، داعيا إلى ربه، رافعا لرايته، مجتهدا في دعوته، مخيفا للظالمين، مؤمنا للمؤمنين، لا يأمن الفاسقين، ولا يأمنونه، بل يطلبهم ويطلبونه، فمن كان كذلك وكان من ولد السبطين فهو الإمام المفترضة طاعته، الواجبة على الأمة نصرته وموالاته، ويعذب الله من خذله، ومن قصر عن ذلك كانت الحجة عليه قائمة، وليس له طاعة ولا متابعة.
وأن يعرف حق أهل البيت عليهم السلام ومودتهم، وأنهم الحجة على الخلق لقوله تعالى: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} [الشورى:23].
فإذا عرف المكلف جميع ما ذكرنا وجب عليه أن يعتقد فضل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يعلم بأن ذلك أكبر فروض الله المفترضة عليه، فيضمر جهاد الظالمين، وينوي مباينة الفاسقين بيده ولسانه وقلبه وبما يقدر عليه من طاقته.
Shafi 14
ثم يجب عليه أن يتطهر للصلوات بطهورهن، ويصليهن، ويقيمهن بحدودهن، ويحافظ عليهن في الأوقات اللواتي جعلهن الله لهن أوقاتا من الساعات، وأن يؤدي ما أمر الله به من الزكوات على ما شرعه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأن يصوم شهر رمضان الذي افترضه الرحمن، وأن يحج البيت المعمور، وأن يؤدي جميع ما افترض الله عليه في حجه من الأمور، وأن يترك كلما أمر الله (ورسوله) بتركه، ويفعل كلما أمر الله ورسوله بفعله، ويقول الحق ولو على نفسه، ويقيم الشهادة ويأتي بها على وجهها، ويؤدي الأمانة، ويعتزل الخيانة، ويبر والديه، ويصل رحمه.
فإذا فعل ذلك كذلك فهو المؤمن حقا، المتعبد لله صدقا، وكان من الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون.
ثم يجب من بعد ذلك النظر فيما يحتاج إليه من أمره وحلاله وحرامه وجميع أسبابه، فإن الله تعالى لا يرضى لعباده المؤمنين النقصان، بل يشاء منهم التزيد في كل خير وإحسان، فيجب عليه أن يطلب من ذلك ما ينبغي له طلبه من علم أهل بيت نبيئه صلى الله عليه وآله وسلم، فيتبع من ذلك أحسنه وأقربه إلى الكتاب والسنة.
وهذا أوان تفصيل المحتاج إليه في الغالب، وما حدث من المسائل الغريبة سأل عنها أهل الذكر الذين أمر الله بسؤالهم، والله المستعان وعليه التكلان.
Shafi 15
من باب الطهارة
قال الله تعالى: {وثيابك فطهر(4)}[المدثر]، وورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم أن عامة عذاب القبر من البول، وجملة النجاسات التي يحب التطهر منها للصلاة في البدن أو الثوب أو المكان، ويستحب التطهر في غير حالة الصلاة، وهي عشر:
الأول منها: ما خرج من سبلي حيوان لا يؤكل وكان ذا دم.
الثاني: المسكر إذا كان معالجا لا بأصل الخلقة كالحشيشة والبنج ونحوهما.
الثالث: الكلب.
الرابع: الخنزير.
الخامس: الكافر.
والسادس: البائن من حي ذي دم إلا الصوف والأظفار والقرون التي قد زالت منها الحياة.
والسابع: الميتة كل أجزائها إلا السمك، وما لا دم له، وما لا تحله الحياة كالشعر، وهذه السبع مغلظة لا يعفى عن شيء منها.
والثامن: القيء الخارج من المعدة ملئ الفم دفعة.
والتاسع: لبن غير المأكول إلا من مسلمة حية.
والعاشر: الدم وأخواه المصل والقيح إلا ما بقي في العروق بعد الذبح، وهذه الثلاث مخففة فيعفى عن دون ملئ الفم من القي، ودون القطرة من الدم واللبن.
Shafi 16
وصفة التطهر
أن يغسل الخفية التي لا ترى ولا أثر لها بالماء ثلاثا، والمرئية التي لها أثر حتى تزول واثنتين بعدها.
والمياه
كلها طاهرة إلا أربعة:
الأول:ما جاور النجاسة، وهو الملاصق لها والمجاور للمجاور.
والثاني:ما غيرته مطلقا بأحد الأوصاف الثلاثة : الشم أو الطعم أو اللون.
والثالث: ما وقعت النجاسة وهو قليل بحيث يظن المستعمل للماء أنه يستعمل النجاسة معه.
والرابع: ما وقعت النجاسة فيه وهو متغير بطاهر وإن كثر حتى يصلح، ولا يرتفع يقين الطهارة والنجاسة إلا بيقين أو خبر عدل.
من باب قضاء الحاجة
يستحب لقاضي الحاجة:-
( 1 ) التواري عن أعين الناظرين.
( 2 ) والبعد عن الناس والمسجد.
( 3 ) _ والتعوذ.
( 4 ) وتنحية ما فيه ذكر الله تعالى.
( 5 ) وتقديم الرجل اليسرى دخولا.
( 6 ) والاعتماد عليها حال قضاء الحاجة.
( 7 ) وتقديم اليمنى عند الخروج.
( 8 ) وأن يبالغ في ستر العورة إلا ما لابد منه حيث لا يرى وإلا كان الستر واجبا.
Shafi 17
( 9 ) واتقاء الملاعن وهي قول الشاعر:
ملاعنها نهر وسبل ومسجد .... ومسقط أثمار وقبر ومجلس
( 10 ) وتجنب الأخراق وما تصلب.
( 11 ) والتهوية به.
( 12 ) وقائما.
( 13 ) والكلام.
( 14 ) ونظر الفرج والأذى، وبصقه.
( 15 ) والأكل والشرب.
( 16 ) والانتفاع باليمين.
( 17 ) واستقبال القبلتين والقمرين واستدبارهما.
( 18 ) وإطالة القعود.
ويستحب بعده أن يحمد الله ويستجمر بثلاثة أحجار.
ويجب على المتيمم إن لم يستنج.
Shafi 18
من باب الوضوء
الوضوء شطر الإيمان، ولا يصح إلا إذا كان المتوضىء طاهرا بدنه من الجنابة والحيض والنفاس ومن نجاسة خارجة من أعماق البدن.
وفروضه
غسل الفرجين بعد إزالة النجاسة منهما.
والتسمية حيث ذكرها .
والنية المقارنة لغسل أول عضو من أعضاء الوضوء .
والمضمضة والاستنشاق بعد إزالة الخلالة المتحيزة بين الأسنان من أثر الطعام.
وإزالة ما يتقشف من الأنف.
وغسل الوجه مستكملا، وحده من مقاص الشعر إلى الذقن طولا، ومن الأذن إلى الأذن عرضا، مع تخليل أصول الشعر.
ثم غسل اليدين مع المرفقين.
ثم مسح كل الرأس مقبلا ومدبرا، والأذنين باطنهما وظاهرهما .
ثم غسل القدمين إلى كعب الساق.
ويجب تخليل الأصابع والأظفار المتطولة، والشجج.
وسنن الوضوء
غسل اليدين - أي الكفين - أولا.
وغسل كل عضو ثلاثا.
ومسح الرقبة.
والسواك .
والدعاء .
وتجديده بعد كل مباح.من باب الوضوء ¶ الوضوء شطر الإيمان، ولا يصح إلا إذا كان المتوضىء طاهرا بدنه من الجنابة والحيض والنفاس ومن نجاسة خارجة من أعماق البدن. ¶ وفروضه ¶ غسل الفرجين بعد إزالة النجاسة منهما. ¶ والتسمية حيث ذكرها . ¶ والنية المقارنة لغسل أول عضو من أعضاء الوضوء . ¶ والمضمضة والاستنشاق بعد إزالة الخلالة المتحيزة بين الأسنان من أثر الطعام. ¶ وإزالة ما يتقشف من الأنف. ¶ وغسل الوجه مستكملا، وحده من مقاص الشعر إلى الذقن طولا، ومن الأذن إلى الأذن عرضا، مع تخليل أصول الشعر. ¶ ثم غسل اليدين مع المرفقين. ¶ ثم مسح كل الرأس مقبلا ومدبرا، والأذنين باطنهما وظاهرهما . ¶ ثم غسل القدمين إلى كعب الساق. ¶ ويجب تخليل الأصابع والأظفار المتطولة، والشجج. ¶ وسنن الوضوء ¶ غسل اليدين - أي الكفين - أولا. ¶ وغسل كل عضو ثلاثا. ¶ ومسح الرقبة. ¶ والسواك . ¶ والدعاء . ¶ وتجديده بعد كل مباح.
ونواقض الوضوء
ما خرج من السبيلين .
وزاول العقل إلا خفقتي نوم متواليتين أوخفقات متفرقات، والخفقة هي: أن يميل رأسه إلى صدره ولا يستقر.
وقيء نجس ودم وما في حكمها إذا كان قطرة.
وكل معصية كبيرة غير الاصرار على المعصية، وكالكذب والنميمة وغيبة المسلم والأذية، فإن الكل ينقض.
والقهقة في الصلاة.
ولا يرتفع يقين الطهارة والحدث إلا بيقين.
من باب الغسل
يوجبه الحيض، والنفاس، والإمناء لشهوة، والتقاء الختانين.
ويحرم على من كان عليه ذلك:
القراءة باللسان، والكتابة ولو بعض آية، ولمس المصحف، ودخول المسجد، وعلى الرجل الممني أن يبول قبل الغسل.
وفروضه:
النية لرفع الحدث الأكبر مقارنة.
والمضمضة والاستنشاق .
وعم البدن بإجراء الماء والدلك.
وعلى الرجل نقض الشعر، وعلى المرأة في الدمين، دم الحيض والنفاس.
ويسن الغسل:
للجمعة، والعيدين، وبعد غسل الميت، وفي يوم عرفة، وليالي القدر، ولدخول الحرم ومكة والكعبة والمدينة وقبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد الحجامة والإسلام.
Shafi 19
من باب التيمم
سببه الذي يجب عنده التيمم عدم وجود الماء، ويجب عليه الطلب في مظان وجوده في الميل، أو لخشية ضرر المتوضئ لمرض أو غيره، أو خشية فوت صلاة لا تقضى ولا بدل لها.
ويجب الانتظار إلى آخر الوقت.
وإنما يصح بتراب مباح طاهر منبت يعلق باليد.
وفروضه:
التسمية كالوضوء، ونية مقارنة معينة لما يتيمم له، وضرب التراب باليدين، ثم مسح الوجه كالوضوء، ثم ضرب آخر لليدين، ثم مسحهما.
من باب الحيض
حقيقة الحيض: هو الأذى الخارج من الرحم في وقت عادتها أو في حكم العادة، وما كان غير ذلك فليس بحيض ولا حكم له، وأقله ثلاثة أيام من الوقت إلى الوقت فما دونهما ليس بحيض، وأكثره عشرة أيام أيضا، فما زاد فليس بحيض، وأقل الطهر عشر أيضا.
Shafi 19
ويتعذر وجود الحيض لصغر، وذلك قبل دخول المرأة في السنة التاسعة، أو لكبر، وذلك بعد مضي ستين سنة من العمر، أو لحبل، فإن أتى في أي هذه الثلاثة الأحوال فليس بحيض، ويحرم على الحائض وقت الحيض ما يحرم على الجنب وقد مر، والوطي في الفرج، ويجب عليها قضاء الصيام لا الصلاة، بل يندب لها في وقت الصلاة أن توضأ وتوجه القبلة وتذكر الله تعالى.
من باب النفاس
حكمه حكم الحيض في جميع الأحكام، وإنما يكون نفاسا إذا وضعت وأدمت بعده، ولا حد لأقله، وأكثره أربعون يوما، فإذا انقطع قبل الأربعين طهرت وصلت.
وأما المستحاضة وهي التي لا ينقطع دمها فحكمها أن تجعل قدر عادتها في الحيض حيضا، وقدر عادتها في النفاس نفاسا، وما زاد طهرا، وتغتسل وتصلي ولو استمر خروج الدم.
من كتاب الصلاة
هي أحد أركان الاسلام، تجب على المكلف، ويؤمر الصغير بها فيعلم لسبع، ويضرب لعشر عليها، وإلا أثم الأب أو من يقوم مقامه.
وشروط صحتها سته:
الأول: طهارة البدن من حدث أكبر أو أصغر ونجس.
الثاني: ستر العورة في جميع الصلاة، وحدها في الرجل من تحت السرة إلى تحت الركبة، فلو انكشف منها ولوشعرة بطلت، وأما المرأة فهي عورة كلها في الصلاة إلا الوجه والكفين .
وندب للظهر والمنكب والهبرية.
الثالث: طهارة كل محموله وملبوسه، وإباحة ملبوسه وخيطه وثمنه المعين، ويحرم لبس الحرير والمشبع صفرة أو حمرة مطلقا، وتبطل به الصلاة، وتكره في كثير الدرن كثوب السلاط، وفي السراويل والفرو وحده.
الرابع: إباحة مكان الصلاة، فلا تجزي الصلاة على قبر، وطريق عامة عامرة، ومنزل غصب، وأرض المصلي هو غاصبها.
Shafi 20
الخامس: طهارة مايباشره ويلامسه المصلي حال الصلاة إلا مزاحما، وما يتحرك بتحركه مطلقا.
السادس: استقبال عين الكعبة أو جزء منها لمن أمكنه ذلك، والجهة لمن لا يمكنه، ويجب التحري لجهتها، ثم تقليد الحي العدل، ثم المحراب الموضوع على وجه الصحة، ثم حيث يشاء آخر الوقت.
ويجب تعظيم مساجد الله تعالى فلا يجوز فيها إلا الطاعات، ويحرم البصق فيها واستعمالها وهوؤاها ماعلا.
من باب الأوقات
ينبغي المحافظة على أول الوقت في جماعة لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لازم ذلك حتى مات.
ولكل صلاة وقتان: اختياري واضطراري.
فاختيار الظهر من زوال الشمس، وعلامته انحراف الظل إلى جهة المشرق بعد تناهيه في النقصان، وآخره مصير ظل الشيء مثله من وقت الانحراف وهو أول وقت العصر، وآخره مصير ظل الشيء مثليه.
ووقت المغرب من رؤية كوكب ليلي إلى ذهاب الشفق الأحمر وهو أول العشاء، وآخره ذهاب ثلث الليل .
وأول الفجر من طلوع النور المنتشر من العدن إلى القبلة إلى قبل طلوع الشمس بما يسع ركعة.
ووقت الاضطرار ماعدا ذلك، ومن أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك صلاة الفجر، أو ركعة من العصر قبل غروب الشمس فقد أدركها.
ولا ينبغي أن يصلي وقت الاضطرار إلا لعذر ظاهر.
وتكره صلاة الجنازة والنفل في ثلاثة أوقات : وقت الزوال، وعند طلوع الشمس، وعند الغروب.
من باب الأذان والإقامة
لا يصح الأذان إلا في الوقت من مكلف ذكر عدل معرب طاهر من الجنابة، ويكفي السامع ومن يصلي في البلد.
ويقلد العارف في الوقت في الصحو لا في الغيم فيتحرى كل أحد لنفسه، ولا يقيم إلا المؤذن متطهرا.
من باب صفة الصلاة وفروضها التي إذا اختل واحد منها بطلت، تسعة:
Shafi 21
الأول: النية.
الثاني: التكبير.
الثالث: القيام مع قراءة الفاتحة وثلاث آيات سرا في العصرين وجهرا في غيرهما، ويتحمله الإمام عن السامع.
الرابع: الركوع.
الخامس: الاعتدال بعده حتى يرجع كل مفصل إلى مفصله وإلا بطلت.
السادس: السجود على الجبهة مستقرة بلا حائل حي، أو يحمله المصلي، وعلى الركبتين، وباطن الكفين، وباطن أصابع القدمين وإلا بطلت.
السابع: اعتدال بين كل سجودين ناصبا للقدم اليمنى فارشا لليسرى وإلا بطلت.
الثامن: الشهادتان، والصلاة على النبي وآله.
التاسع: التسليم يمينا ويسارا مع الانحراف.
هذا ما ذكر في القدر الواجب بحيث إذا أخل المصلي بشيء منها فسدت صلاته، وأما كيفية فروضها ومسنونها فإذا فرغ المكلف من الوضوء على الصفة المشروعة استحضر في ذهنه عند القيام للصلاة أنه منتصب لمناجاة ملك السموات والأرض الحاضر لديه، والرقيب عليه، ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ((لا ينظر الله إلى صلاة لا يحضرها العبد قلبه))، فعلى العبد أن يجتهد في إحضار قلبه في جميع حالات الصلاة، وأن يتدبر ما نطق به لسانه من القراءة والأذكار، فينتصب إلى جهة القبلة ويقول :
Shafi 22
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، ثم ينوي الصلاة التي يصليها ظهرا أو عصرا أو نحو ذلك، ثم يكبر ويقول : الله أكبر، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر من القرآن، ثم يركع ناويا به الخضوع لله تعالى، ويكبر تكبير النقل حال تهويته للركوع ويقول : الله أكبر، ويمد ظهره لا يرفع رأسه ولا يخفضه، قابضا بيديه على ركبتيه، مفرقا أصابعه، ثم يسبح تسبيح الركوع، فيقول : سبحان الله العظيم وبحمده ثلاثا، ثم يعتدل رامقا ببصره موضع سجوده قائلا سمع الله لمن حمده، وإذا كان مؤتما قال : ربنا لك الحمد، ويستقر حتى يطمئن، ثم يهوي للسجود ناويا التذلل والخضوع لله تعالى قائلا : الله أكبر حتى يضع جبهته على الأرض مخويا، ويباعد بطنه عن خديه، ويبين مرفقيه عن إبطيه، واضعا يديه بين فخذيه ومنكبيه، ناصبا لقدميه متلاصقين، واضعا باطن أصابعهما على الأرض، ويقول: سبحان الله الأعلى وبحمده ثلاثا، ثم يعتدل قائلا : الله أكبر، فارشا لليسرى ناصبا لليمنى، واضعا يديه على ركبتيه حتى يطمئن، ثم يسجد الثانية ويفعل مثل الأولى سواء سواء، ثم يقوم للركعة الثانية، ويكبر للنقل، ويقرأ الفاتحة وسورة مثل سورة الصمد وهي أفضل، ويفعل في الركوع والسجود مثل الركعة الأولى ؛ فإن كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية تشهد التشهد الأوسط ويقول :
Shafi 23
بسم الله وبالله والحمد لله، والأسماء الحسنى كلها لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم يقوم للثالثة في المغرب، والثالثة والرابعة في غيره، ويسبح قائما عوض الفاتحة فيقول :
سبحان الله والحمد لله ولا إلاه إلا الله والله أكبر ثلاثا، وإن قرأ الفاتحة أجزأ، ثم إذا كان بعد آخر سجدة قعد للتشهد الأخير على الصفة المتقدمة، ثم يتشهد فيأتي بالتشهد الأوسط الذي تقدم، ثم يقول:
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، ثم يسلم على اليمين واليسار، فيقول : السلام عليكم ورحمة الله يمينا، السلام عليكم ورحمة الله يسارا، مع الانحراف .
ولعظم الصلاة وكونها أجل أركان الاسلام عند الله لم تسقط في حال من الأحوال لا لمرض ولا لغيره إلا لزوال العقل أو لعجزه عن الإيماء بالرأس، ويفعل العليل ما أمكنه، فمتعذر السجود يومي له من قعود، وأما الركوع فمن قيام، فإن تعذر من قيام فمن قعود، ويكون السجود أخفض، ثم مضطجعا، ويكمل الوضوء ولو تولاه غيره.
وتفسد الصلاة باختلال أحد شروطها أو فروضها، وبالفعل الكثير كالأكل والشرب وما أشبههما، وبكلام ليس من القرآن ولا من أذكارها، أو منهما ملحونا لا نظير له في القرآن ولا في أذكارها، وضحك منع القراءة، ورفع الصوت إعلاما إلا للمار والمؤتمين.
من باب صلاة الجماعة
هي من أعظم السنن المؤكدات، ومن أجل الطاعات، وناهيك دلالة على عظم شرعيتها أنه اختلف فيها العلماء هل هي فرض أوسنة، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يصل الفروض إلا في جماعة حتى قبض.
Shafi 24
ولا تصح إلا بعد إمام عدل ظاهره السلامة، ويقف المؤتم الواحد أيمن إمامه غير متقدم ولا متأخر بكل القدمين ولا منفصل، وإلا بطلت إلا لعذر.
والاثنان فصاعدا خلفه في سمته مقابلين له إلا لعذر كضيق المكان أو لتقدم صف قبله، وينجذب من بجنب الإمام للاحق أو في صف منسد، ويعتد بركعة أدرك ركوعها مع الإمام، ويندب أن يقعد ويسجد مع الإمام إذا لم يدرك الركوع، ومتى قام ابتدأ، وبعد كمال التسليمتين من الإمام يقوم للتمام.
وأن يخرج من الصلاة التي هو فيها لخشية فوت الجماعة ويرفض ما قد أداه منفردا ويدخل مع الجماعة، وتجب متابعة الإمام في كل ركن إلا في مفسد فيعزل ويتمها فرادى، أو في جهر فيسكت إلا إذا لم يسمع لبعد أو صمم فيقرأ لنفسه.
من باب سجود السهو
يجب لزيادة في الصلاة أو نقصان لا يفسدان، وهو سجدتان بعد التسليم، يكبر تكبيرة الإحرام وينوي جماعة إن سجد الإمام، ثم يسجد ويعتدل، ثم يسجد الثانية، ثم يتشهد ويسلم، ويسجد لسهو الإمام أولا ثم لسهو نفسه.
من باب القضاء
يجب على من ترك أي الخمس الصلوات أو ما لا تتم إلا به كترك الوضوء أو عضو منه، ويقضي الصلاة كما فاتت عليه قصرا أو تماما، وجهرا أو سرا، وفور قضاء الصلاة مع كل فرض فرض.
ولا تقضى صلاة العيد إلا في ثانيه فقط للبس، وللإمام قتل من تعمد ترك الصلاة بعد استتابته ثلاثا فأبى.
Shafi 25
من باب صلاة الجمعة شروطها: فعلها في اختيار الظهر، ووجود إمام عادل أو أخذ الولاية منه أو الاعتزاء إليه عند تعذر أخذها، وثلاثة مع مقيمها، ومسجد في مستوطن، وخطبتان قبلها من عدل متطهر اشتملتا على حمد الله تعالى والشهادة والثناء والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والوعظ، ويحرم الكلام حالهما، وتصير بعد صلاة العيد فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين.
من باب القصر في الصلاة
يجب قصر الرباعية إلى اثنتين على من تعدى ميل بلده مريدا للسفر بريدا فصاعدا، ولا يزال يقصر حتى يتفق أحد أمور ثلاثة: إما رجوعه إلى وطنه، أو يتعدى في أي موضع شهرا نوى الإقامة أم لا، أو يعزم على إقامة عشر في أي موضع.
من باب صلاة جماعة الخوف
شروطها: السفر، وفي آخر الوقت، وكونهم محقين مطلوبين لا طالبين.
وهذه صفتها: أن يصلي الإمام بطائفة ركعة ويطول في الركعة الأخرى وتتم صلاتها وتخرج، والإمام منتظر للطائفة الأخرى التي بإزاء العدو، ثم تدخل هذه الطائفة لاحقة للإمام، والطائفة الأولى تكون كذلك بإزاء العدو.
وفي صلاة المغرب ينتظر الإمام في التشهد الأوسط.
فإن اتصلت المدافعة فعلى المكلف ما أمكنه ولو ذكر الله فقط.
من باب صلاة العيدين
وقتها:من بعد انبساط الشمس إلى زوالها.
Shafi 26
وصفتها: أن يخرج إلى الجبانة ندبا، وإن فعلت في غيرها أجزأ، وتقام بلا أذان ولا إقامة، وهي ركعتان جهرا، يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وسورة، ثم يكبر سبع تكبيرات يقول بين كل تكبيرتين: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، وبعد السبع يقول كذلك، ثم يكبر تكبيرة النقل، ويركع، وفي الثانية خمس تكبيرات يقول فيها كذلك، ويكبر تكبير النقل ويركع.
وما فات اللاحق حمله الإمام، هذا إذا أدركه في الأولى، فإذا لم يلحق إلا في الثانية لم يتحمل الإمام عنه إلا ما فعل فيها، وذلك خمس، ويأتي بتكبيرتين بعد فراغ الإمام من التكبيرات واجبا، ثم يركع معه، وكذلك إذا أدركه راكعا، فإذا خشي أن يرتفع الإمام قبل تمامها عزل صلاته .
وتكبير التشريق سنة مؤكدة بعد كل فرض من فجر عرفة إلى آخر أيام التشريق وهو اليوم الخامس من يوم عرفة.
من باب صلاة الكسوف
يسن حاله صلاة ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات، يقرأ قبلها، ويفصل بينها بسورة الفاتحة مرة، وسورة الصمد والفلق سبعا سبعا، أو ما تيسر من القرآن مرة، ويكبر عند الاعتدال من كل ركوع إلا الخامس.
وتستحب صلاة الاستسقاء أربع ركعات كل ركعتين بتسليم.
Shafi 27
وينبغي للمكلف أن يحافظ على سنن الفرائض المؤكدة، وأن يقضيها إذا ترك شيئا منها، وأن يكثر النوافل لأن الصلاة خير موضوع، وأفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه، لاسيما صلاة التسبيح(1) والفرقان(1) ومكملات الخمسين(2) إلا الضحى والتراويح فبدعة تترك.
Shafi 28
من كتاب الجنائز
يجب على المريض ويؤمر بالتوبة من الذنوب، والتخلص من حقوق الله تعالى وحقوق المخلوقين فورا، فإن تعذر أوصى، ويلقن الشهادتين، ومتى مات عجل تجهيزه، ويجوز البكاء، ويحرم النعي ورفع الأصوات وخمش الوجه وشق الجيوب لورود الآثار بالنهي عن ذلك.
ويجب غسل المسلم ولو سقطا استهل بصياح أو عطاس أو حركة تدل على الحياة، ويحرم للكافر والفاسق مطلقا، والشهيد في سبيل الله ويكفن بما قتل فيه(1)، وليكن الغاسل عدلا من جنسه، أو جائز الوطىء، ويجب عليه ستر عورة الميت، ويلف يده بخرقة لغسلها وإلا أثم واختلت عدالته، وندب أن يكون الغسل ثلاثا بالحرض ثم السدر ثم الكافور، وييمم للعذر، وتحرم الأجرة على الغاسل، ويكفن بما يستره جميعه، والمشروع إلى سبعة وترا.
(وصفة التكفين: إن كان بواحد فيستر به جميع جسمه حتى لا يبقى شيء.
وإن كان بثلاثة فمئزر ويدرج في اثنين.
وإن كان بخمسة فيكون قميص غير مخيط وعمامة للرجل وخمار للمرأة، ويدرج في ثلاثة.
وإن كان بسبعة فقميص وإزار وعمامة وأربعة درج).
والصلاة فرض كفاية على المؤمن، ولا تجوز على غيره، وتصح فرادى، ولايكون الإمام إلا الإمام الأعظم أو واليه ثم الأقرب الصالح من العصبة، وتعاد إن لم يأذن الأولى.
وفروضها: النية وخمس تكبيرات قائما ثم التسليم.
وندب بعد الأولى قراءة الفاتحة، وبعد الثانية الصمد، وبعد الثالثة الفلق، وبعد الرابعة الصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله وسلم والدعاء للميت بحسب حاله.
ويستقبل الإمام سرة الرجل وثدي المرأة، ثم يقبر الميت ويوضع مستقبلا للقبلة، ولا يواريه في قبره إلا من يجوز له أن يغسله.
Shafi 30