Mukhtasar Minhaj As-Sunnah An-Nabawiyyah
مختصر منهاج السنة النبوية
Mai Buga Littafi
دار الصديق للنشر والتوزيع، صنعاء - الجمهورية اليمنية
Lambar Fassara
الثانية، 1426 هـ - 2005 م
ولا من أهل الأهواء، ويتبرءون من طريقة الروافض والنواصب جميعا، ويتولون السابقين الأولين كلهم، ويعرفون قدر الصحابة، وفضلهم، ومناقبهم، ويرعون حقوق أهل البيت التي شرعها الله لهم، ولا يرضون بما فعله المختار ونحو من الكذابين، ولا ما فعل الحجاج ونحوه من الظالمين.
ويعلمون مع هذا مراتب السابقين الأولين، فيعلمون أن لأبي بكر وعمر من التقدم والفضائل ما لم يشاركهما فيهما أحد، من الصحابة لا عثمان ولا علي ولا غيرهما، وهذا كان متفقا عليه في الصدر الأول، إلا أن يكون خلاف شاذ لا يعبأ به.
حتى أن الشيعة الأولى أصحاب علي لم يكونوا يرتابون في تقديم أبي بكر وعمر عليه، فكيف وقد ثبت عنه من وجوه متواترة أنه كان يقول: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر، ولكن كان طائفة من شيعة علي، تقدمه على عثمان، وهذه المسألة أخفى من تلك، ولهذا كان أئمة أهل السنة متفقين على تقديم أبي بكر وعمر كما في مذهب أبي حنيفة، والشافعي، ومالك، وأحمد بن حنبل، والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، وسائر أئمة المسلمين، من أهل الفقه والحديث والزهد والتفسير من المتقدمين والمتأخرين.
وأما عثمان وعلي فكان طائفة من أهل المدينة يتوقفون فيهما، وهي إحدى الروايتين عن سفيان الثوري، ثم قيل إنه رجع عن ذلك لما اجتمع به أيوب السختياني، وقال من قدم عليا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار، وسائر أئمة السنة على تقديم عثمان وهو مذهب جماهير أهل الحديث وعليه يدل النص، والإجماع والاعتبار.
وأما ما يحكى عن بعض المتقدمين من تقديم جعفر أو تقديم طلحة أو نحو ذلك فذلك في أمور مخصوصة لا تقديما عاما، وكذلك ما ينقل عن بعضهم في علي.
وأما قوله: فبعضهم اشتبه الأمرعليه ورأى لطالب الدنيا مبايعا فقلده،
وبايعه وقصر في نظره فخفي عليه الحق فاستحق المؤاخذة من الله تعالى، بإعطاء الحق لغير مستحقه، قال: وبعضهم قلد لقصور فطنته، ورأى الجم الغفير فتابعهم، وتوهم أن الكثرة تستلزم الصواب، وغفل عن قوله تعالى:
{وقليل ما هم} (1) ، {وقليل من عبادي الشكور} (2) .
Shafi 94