(لم يحمل نحو قوله: اشاب الصغير وافنى الكبير * كر الغداة ومر العشى على المجاز أي على ان اسناد اشاب وافنى إلى كر الغداة ومر العشى مجاز (ما) دام (لم يعلم أو) لم (يظن ان قائله) أي قائل هذا القول (لم يعتقد ظاهره) أي ظاهر الاسناد لانتفاء التأول حينئذ لاحتمال ان يكون هو معتقدا للظاهر فيكون من قبيل قول الجاهل انبت الربيع البقل. (كما استدل) يعني ما لم يعلم ولو يستدل بشئ على انه لم يرد ظاهره مثل هذا الاستدلال (على ان اسناد ميز) إلى جذاب الليالى (في قول ابي النجم ميز عن) عن الرأس (قنزعا عن قنزع) هو الشعر المجتمع في نواحى الرأس. (جذب الليالى) أي مضيها واختلافها (ابطئ أو اسرعى) هو حال من الليالى على تقدير القول إلى مقولا فيها ويجوز ان يكون الامر بمعنى الخبر (مجاز) خبر ان أي استدل على ان اسناد ميز إلى جذب الليالى مجاز (بقوله) متعلق باستدل أي بقول ابى النجم (عقيبه) أي عقيب قوله ميز عنه قنزعا عن قنزع (افناه) أي بالنجم أو شعر رأسه. (قيل الله) أي امر الله تعالى وارادته (للشمس اطلعي) فانه يدل على اعتقاده انه من فعل الله وانه المبدئ والمعيد والمنشئ والمفنى فيكون الاسناد إلى جذب الليالي بتأول بناء على انه زمان أو سبب. (واقسامه) أي اقسام المجاز العقلي باعتبار حقيقة الطرفين أو مجازيتهما (اربعة: لان طرفيه). وهما المسند إليه والمسند (اما حقيقتان) لغويتان (نحو انبت الربيع البقل أو مجازان) لغويان (نحو احى الارض شباب الزمان) فان المراد باحياء الارض تهييج القوى النامية فيها واحداث نضارتها بانواع النبات والاحياء في الحقيقة اعطاء الحياة وهي صفة تقتضي الحس والحركة الارادية وكذا المراد بشباب الزمان زمان ازدياد قويها النامية وهو في الحقيقة عبارة عن كون الحيوان في زمان تكون حرارته الغريزية مشبوبة أي قوية مشتعلة (أو مختلفان) بان يكون احد الطرفين حقيقة والآخر مجازا (نحو انبت البقل شباب الزمان) فيما المسند حقيقة والمسند إليه مجازا. (واحى الارض الربيع) في عكسه ووجه الانحصار في الاربعة على ما ذهب إليه المصنف ظاهر لانه اشترط في المسند ان يكون فعلا أو في معناه فيكون في مفرد وكل مفرد مستعمل اما حقيقة أو مجاز. (وهو): أي المجاز العقل (في القرآن كثير) أي كثير في نفسه لا بالاضافة إلى مقابله حتى تكون الحقيقة العقلية قليلة. وتقديم في القرآن على كثير لمجرد الاهتمام كقوله تعالى (وإذا تليت عليهم آياته) أي آيات الله (زادتهم ايمانا) اسند الزيادة وهى فعل الله تعالى إلى الايات لكونها سببا. (يذبح ابناءهم) نسب التذبيح الذى هو فعل الجيش إلى فرعون، لانه سبب آمر (ينزع عنهما لباسهما) نسب نزع اللباس عن آدم وهو فعل الله تعالى حقيقة إلى ابليس لان سببه الاكل من الشجر وسبب الاكل وسوسته ومقاسمته اياهما انه لهما لمن الناصحين. (يوما) نصب على انه مفعول به لتتقون، أي كيف تتقون يوم القيمة ان بقيتم على الكفر يوما. (يجعل الولدان شيبا) نسب الفعل إلى الزمان وهو لله تعالى حقيقة وهذا كناية عن شدته وكثرة الهموم: والاحزان فيه لان الشيب هما يتسارع عند تفاقم الشدائد والمحن أو عن طوله وان الاطفال يبلغون فيه أو ان الشيخوخة. (واخرجت الارض اثقالها) أي ما فيها من الدفائن والخزائن نسب الاخراج إلى مكانه وهو فعل الله تعالى حقيقة (وهو غير مختص بالخبر) عطف على قوله كثير أي وهو غير مختص بالخبر وانما قال ذلك لان تسميته بالمجاز في الاثبات وايراده في احوال الاسناد الخبرى يوهم اختصاصه بالخبر. (بل يجرى في الانشاء نحو ياهامان ابن لى صرحا) لان البناء فعل العملة، وهامان سبب آمر، وكذا قولك لينبت الربيع ما شاء وليصم نهارك وليجد جدك وما اشبه ذلك، مما اسند فيه الامر أو النهى إلى ما ليس المطلوب فيه صدور الفعل أو الترك عنه وكذلك قولك ليت النهر جار وقوله تعالى [اصلوتك تأمرك]. (ولا بد له): أي للمجاز العقلي (من قرينة) صارفة عن ارادة ظاهرة، لان المتبادر إلى الفهم عند انتفاء القرينة هو الحقيقة (لفظية كما مر) في قول ابى النجم من قوله افناه قيل الله (أو معنوية كاستحالة قيام المسند بالمذكور) أي بالمسند إليه المذكور مع المسند. (عقلا) أي من جهة العقل يعنى ان يكون بحيث لا يدعى احد من المحققين والمبطلين انه يجوز قيامه به لان العقل إذا خلى ونفسه يعده محالا (كقولك محبتك جاءت بى اليك) لظهور استحالة قيام المجئ بالمحبة. (أو عادة) أي من جن جهة العادة (نحو هزم الامير الجند) لاستحالة قيام انهزام الجند بالامير وحده عادة وان كان ممكنا عقلا وانما قال قيامه به ليعم الصدور عنه مثل ضرب وهزم وغيره مثل قرب وبعد. (وصدوره) عطف على استحالة أي وكصدور الكلام (عن الموحد في مثل اشاب الصغير) وافنى الكبير البيت فانه يكون قرينة معنوية على ان اسناد شاب وافنى إلى كر الغداة ومر العشى مجاز، لا يقال هذا داخل في الاستحالة لانا نقول لا نسلم ذلك كيف وقد ذهب إليه كثير من ذوى العقول واحتجنا في ابطاله إلى الدليل. (ومعرفة حقيقته): يعنى ان الفعل في المجاز العقلي يجب ان يكون له فاعل أو مفعول به إذا اسند إليه يكون الاسناد حقيقة. فمعرفة فاعله أو مفعولة الذى إذا اسند إليه يكون الاسناد حقيقة (اما ظاهرة كما في قوله تعالى (فما ربحت تجارتهم أي فما ربحوا في تجارتهم واما خفية) لا تظهر الا بعد نظر وتأمل (كما في قولك سرتني رؤيتك) أي سرنى الله عند رؤيتك (وقوله يزيدك وجهه حسنا، إذا ما زدته نظرا) أي يزيدك الله حسنا في وجهه لما اودعه من دقائق الحسن والجمال تظهر بعد التأمل والامعان.
Shafi 42