Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
Mai Buga Littafi
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Nau'ikan
النَّوَافِلِ مَثَلًا؟
وَوَجْهُ دُخُولِ الِابْتِدَاعِ هُنَا أنَّ كلَّ مَا وَاظَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ النَّوَافِلِ وَأَظْهَرَهُ فِي الْجَمَاعَاتِ فَهُوَ سُنَّةٌ، فَالْعَمَلُ بِالنَّافِلَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ عَلَى طَرِيقِ الْعَمَلِ بِالسُّنَّةِ، إِخْرَاجٌ لِلنَّافِلَةِ عَنْ مَكَانِهَا الْمَخْصُوصِ بِهَا شَرْعًا، ثُمَّ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اعْتِقَادُ الْعَوَامِّ فِيهَا وَمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَهَذَا فَسَادٌ عَظِيمٌ، لأنَّ اعتقاد ما ليس بسنة وَالْعَمَلَ بِهَا عَلَى حَدِّ الْعَمَلِ بِالسُّنَّةِ نحوٌ مِنْ تَبْدِيلِ الشَّرِيعَةِ، كَمَا لَوِ اعْتَقَدَ فِي الفرض أنه ليس بفرض، أو فيما ليس بفرض أنه فرض، ثم عمل على وِفق اعْتِقَادِهِ فإنَّه فَاسِدٌ، فَهَبِ الْعَمَلَ فِي الْأَصْلِ صَحِيحًا فَإِخْرَاجُهُ عَنْ بَابِهِ اعْتِقَادًا وَعَمَلًا مِنْ بَابِ إِفْسَادِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمِنْ هُنَا ظَهَرَ عُذْرُ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِي تَرْكِهِمْ سُنَنًا قَصْدًا لِئَلَّا يَعْتَقِدَ الْجَاهِلُ أَنَّهَا مِنَ الْفَرَائِضِ.
فَهَذِهِ أُمُورٌ جَائِزَةٌ أَوْ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا، وَلَكِنَّهُمْ كَرِهُوا فِعْلَهَا خَوْفًا مِنَ الْبِدْعَةِ لأنَّ اتِّخَاذَهَا سُنَّةً إنَّما هُوَ بأنْ يُوَاظِبَ النَّاسُ عَلَيْهَا مُظْهِرِينَ لَهَا، وَهَذَا شَأْنُ السُّنَّةِ، وَإِذَا جَرَتْ مَجْرَى السُّنَنِ صَارَتْ مِنَ الْبِدَعِ بِلَا شَكٍّ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ صَارَتْ هَذِهِ الأشياءُ مِنَ الْبِدَعِ الْإِضَافِيَّةِ؟ وَالظَّاهِرُ مِنْهَا أَنَّهَا بِدَعٌ حَقِيقِيَّةٌ! لأنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ إِذَا عُمل بِهَا عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّهَا سُنَّةٌ فَهِيَ حَقِيقِيَّةٌ إِذْ لَمْ يَضَعْهَا صَاحِبُ السُّنَّةِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَصَارَتْ مِثْلَ مَا إِذَا صَلَّى الظُّهْرَ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَاعْتَقَدَهَا عِبَادَةً فإنَّها بِدْعَةٌ مِنْ غَيْرِ إِشْكَالٍ، هَذَا إِذَا نَظَرْنَا إِلَيْهَا بِمَآلِهَا، وَإِذَا نَظَرْنَا إِلَيْهَا أوَّلًا فَهِيَ مَشْرُوعَةٌ مِنْ غَيْرِ نِسْبَةٍ إِلَى بِدْعَةٍ أَصْلًا.
فَالْجَوَابُ: أنَّ السُّؤَالَ صَحِيحٌ، إِلَّا أنَّ لِوَضْعِهَا أوَّلًا نَظَرَيْنِ:
1 / 73