Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
Mai Buga Littafi
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Nau'ikan
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إنَّما الرَّأْيُ الْمَذْمُومُ الْمَعِيبُ الرَّأْيُ الْمُبْتَدَعُ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِنْ ضُرُوبِ الْبِدَعِ، فإنَّ حَقَائِقَ جَمِيعِ الْبِدَعِ رُجُوعٌ إِلَى الرَّأْيِ، وَخُرُوجٌ عَنِ الشَّرْعِ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَظْهَرُ. إِذِ الْأَدِلَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ لَا تَقْتَضِي بِالْقَصْدِ الأوَّل مِنَ الْبِدَعِ نَوْعًا دُونَ نَوْعٍ بَلْ ظَاهِرُهَا تَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي كلِّ بِدْعَةٍ حَدَثَتْ أَوْ تَحْدُثُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَانَتْ مِنَ الْأُصُولِ أو الفروع.
وقالت طائفة: الرأي المذكور هُوَ الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ شَرَائِعِ الدِّينِ بِالِاسْتِحْسَانِ وَالظُّنُونِ، وَالِاشْتِغَالُ بِحِفْظِ الْمُعْضِلَاتِ وَالْأُغْلُوطَاتِ، وردِّ الْفُرُوعِ والنوازع بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ قِيَاسًا، دُونَ رَدِّهَا إِلَى أُصولها وَالنَّظَرِ فِي عِلَلِهَا وَاعْتِبَارِهَا، فَاسْتُعْمِلَ فِيهَا الرَّأْيُ قَبْلَ أَنْ تُنَزَّلَ، وَفُرِّعَتْ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ، وتُكُلِّم فِيهَا قَبْلَ أَنْ تَكُونَ، بِالرَّأْيِ الْمُضَارِعِ لِلظَّنِّ، قَالُوا: لأنَّ فِي الِاشْتِغَالِ بِهَذَا وَالِاسْتِغْرَاقِ فِيهِ تَعْطِيلُ السُّنَنِ وَالْبَعْثُ عَلَى جَهْلِهَا، وَتَرْكُ الْوُقُوفِ عَلَى مَا يَلْزَمُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ منها، ومن كتاب الله تعالى ومعانيه.
وَهَذَا الْقَوْلُ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا قَبْلَهُ، لأنَّ مَنْ قَالَ بِهِ قَدْ مَنَعَ مِنَ الرَّأْيِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَذْمُومٍ، لأنَّ الْإِكْثَارَ مِنْهُ ذَرِيعَةٌ إِلَى الرَّأْيِ الْمَذْمُومِ، وَهُوَ تَرْكُ النَّظَرِ فِي السُّنَنِ اقْتِصَارًا عَلَى الرَّأْيِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ اجْتَمَعَ مَعَ مَا قَبْلُهُ، فإنَّ مِنْ عَادَةِ الشَّرْعِ أنَّه إِذَا نَهَى عَنْ شَيْءٍ وَشَدَّدَ فِيهِ مَنَعَ مَا حَوَالَيْهِ، وَمَا دَارَ بِهِ وَرَتَعَ حَوْلَ حِمَاهُ. أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ ﵇ «الحلالُ بيِّن وَالْحَرَامُ بيِّن وَبَيْنَهُمَا أُمورٌ مُشْتَبِهَةٌ» (١): وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي الشَّرْعِ أَصْلُ سَدِّ الذَّرَائِعِ، وَهُوَ مَنْعُ الْجَائِزِ لأنَّه يَجُرُّ إِلَى غَيْرِ الْجَائِزِ. وَبِحَسَبِ عِظَمِ الْمَفْسَدَةِ في الممنوع،
_________
(١) رواه البخاري (٢٠٥١) واللفظ له، ومسلم (١٥٩٩) من حديث النعمان بن بشير ﵁.
1 / 27