Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
Mai Buga Littafi
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Nau'ikan
لأنَّ الْبِدْعَةَ إِمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِالْعَادَاتِ أَوِ الْعِبَادَاتِ، فَإِنْ تعلَّقت بِالْعِبَادَاتِ فإنَّما أَرَادَ بِهَا أَنْ يَأْتِيَ تعبُّده عَلَى أَبْلَغِ مَا يَكُونُ فِي زَعْمِهِ لِيَفُوزَ بِأَتَمِّ الْمَرَاتِبِ فِي الْآخِرَةِ فِي ظَنِّهِ. وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالْعَادَاتِ فَكَذَلِكَ، لأنَّه إنَّما وَضَعَهَا لِتَأْتِيَ أُمُورُ دُنْيَاهُ عَلَى تَمَامِ المصلحة فيها.
وَقَدْ ظَهَرَ مَعْنَى الْبِدْعَةِ وَمَا هِيَ فِي الشرع والحمد لله.
فصل
[البدعة التَّرْكيَّة]
وفي الْحَدِّ أَيْضًا مَعْنًى آخَرُ مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ. وَهُوَ أنَّ الْبِدْعَةَ مِنْ حَيْثُ قِيلَ فِيهَا: إنَّها طَرِيقَةٌ فِي الدِّينِ مُخْتَرَعَةٌ - إِلَى آخِرِهِ - يَدْخُلُ فِي عُمُومِ لَفْظِهَا الْبِدْعَةُ التَّرْكِيَّةُ، كَمَا يَدْخُلُ فِيهِ الْبِدْعَةُ غَيْرُ التَّرْكِيَّةِ فَقَدْ يَقَعُ الِابْتِدَاعُ بِنَفْسِ التَّرْكِ تَحْرِيمًا لِلْمَتْرُوكِ أَوْ غَيْرَ تحريم، فإنَّ الفعل - مثلًا - قد يَكُونُ حلَالًا بِالشَّرْعِ فَيُحَرِّمُهُ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ يَقْصِدُ تَرْكَهُ قَصْدًا.
فَبِهَذَا التَّرْك إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِأَمْرٍ يُعْتَبَرُ مِثْلُهُ شَرْعًا أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ لِأَمْرٍ يُعْتَبَرُ فَلَا حَرَجَ فِيهِ، إِذْ مَعْنَاهُ أنَّه تَرَكَ مَا يَجُوزُ تركه أو ما يُطْلب تركُه، كَالَّذِي يُحَرِّم عَلَى نَفْسِهِ الطَّعَامَ الْفُلَانِيَّ مِنْ جِهَةِ أنَّه يَضُرُّهُ فِي جِسْمِهِ أَوْ عَقْلِهِ أَوْ دِينِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا مَانِعَ هُنَا مِنَ التَّرْكِ: بَلْ إِنْ قُلْنَا بِطَلَبِ التَّدَاوِي لِلْمَرِيضِ فإنَّ التَّرْكَ هَنَا مَطْلُوبٌ، وَإِنْ قلنا بإباحة التداوي، فالترك مباح.
وَكَذَلِكَ إِذَا تَرَكَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ، حَذَرًا مِمَّا بِهِ الْبَأْسُ فَذَلِكَ مِنْ أَوْصَافِ الْمُتَّقِينَ، وَكَتَارِكِ الْمُتَشَابِهِ، حَذَرًا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ، وَاسْتِبْرَاءً للدِّين
1 / 11