Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
Mai Buga Littafi
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Nau'ikan
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ (١)، فَظَاهِرُ اللَّفْظِ الْعُمُومُ فِي جَمِيعِ مَا يُتموَّل بِهِ، وَهُوَ مَخْصُوصٌ فِي الشَّرْعِ بِالْأَمْوَالِ الزَّكَوِيَّةِ خاصة، فلو قال قائل: مالي صَدَقَةٌ، فَظَاهِرُ لَفْظِهِ يَعُمُّ كُلَّ مَالٍ، ولكنَّا نَحْمِلُهُ عَلَى مَالِ الزَّكَاةِ، لِكَوْنِهِ ثَبَتَ الحملُ عليه في الكتاب.
(الثاني): أَنْ يَقُولَ الْحَنَفِيُّ: سُؤْرُ (٢) سِبَاعِ الطَّيْرِ نَجِسٌ، قِيَاسًا عَلَى سِبَاعِ الْبَهَائِمِ، وَهَذَا ظاهرُ الْأَثَرِ، وَلَكِنَّهُ ظاهرٌ اسْتِحْسَانًا، لِأَنَّ السَّبْعَ لَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ، وَلَكِنْ لِضَرُورَةِ تَحْرِيمِ لَحْمِهِ، فَثَبَتَتْ نجاستُه بِمُجَاوَرَةِ رُطُوبَاتِ لُعابه وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَارَقَهُ الطَّيْرُ، لأنَّه يَشْرَبُ بِمِنْقَارِهِ وَهُوَ طَاهِرٌ بِنَفْسِهِ، فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِطَهَارَةِ سُؤْرِهِ، لِأَنَّ هَذَا أثرٌ قوي وإن خفي، فترجح عَلَى الأوَّل، وَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ جليًَّا، وَالْأَخْذُ بأقوى القياسين متفق عليه.
(الثالث): أنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنْ يَتْرُكَ الدَّلِيلَ للعُرف، فإنَّه رَدَّ الأَيْمان إِلَى العُرف، مَعَ أنَّ اللُّغَةَ تَقْتَضِي فِي أَلْفَاظِهَا غَيْرَ مَا يَقْتَضِيهِ العُرف، كَقَوْلِهِ: واللهِ لَا دَخَلْتُ مَعَ فلانٍ بَيْتًا: فَهُوَ يَحْنَثُ بِدُخُولِ كلِّ مَوْضِعٍ يُسمى بَيْتًا فِي اللُّغَةِ، وَالْمَسْجِدِ يُسمى بَيْتًا فَيَحْنَثُ عَلَى ذَلِكَ، إِلَّا أنَّ عُرف النَّاسِ أَنْ لَا يُطْلِقُوا هَذَا اللَّفْظَ عَلَيْهِ، فَخَرَجَ بِالْعُرْفِ عَنْ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، فَلَا يحنث.
(الرابع): تَرْكُ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ فِي الْيَسِيرِ لِتَفَاهَتِهِ وَنَزَارَتِهِ لِرَفْعِ الْمَشَقَّةِ، وَإِيثَارِ التَّوْسِعَةِ عَلَى الْخَلْقِ، فَقَدْ أجازوا الْبَيْعَ بِالصَّرْفِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا تَابِعًا لِلْآخَرِ، وَأَجَازُوا بَدَلَ الدِّرْهَمِ النَّاقِصِ بِالْوَازِنِ لِنَزَارَةِ مَا بَيْنَهُمَا، وَالْأَصْلُ الْمَنْعُ فِي الْجَمِيعِ، لِمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ أنَّ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبَ بِالذَّهَبِ مِثلًا بِمثل سواءً بسواءِ،
(١) التوبة: ١٠٣. (٢) السؤر: البقية والفضلة.
1 / 108