المسح على الحفين، وقياسهم جمع بين البدل والمبدل منه في محل واحد. وكل ما لا يمكن غسله من الصحيح إلا بانتشار الماء إلى الجريح، حكمه حكم الجريح.
ولا يلزمه أن يمسح على الجرح بالماء إذا أمكنه، سواء كان معصوبًا أو لا. ونص أحمد في المجروح: إذا خاف مَسَحَ موضع الجرح، مسح وغسل ما حوله، لأن المسح بعض الغسل. ووجه الأولى أنه محل واحد، فلا يجمع بين المسح والتيمم كالجبيرة. وإذا قلنا: يجب المسح فهل يتيمم؟ على روايتين: إحداهما: لا يتيمم، كالجرح المعصوب عليه، والجبيرة على الكسر. والثانية: يتيمم، لأن المسح بعض الغسل، فيتيمم للباقي. والجبيرة الفرض انتقل فيها إلى الحائل فهو كالخفين. وإذا كان الجريح جنبًا، فإن شاء قدم التيمم، وإن شاء أخره، بخلاف المتيمم لعدم ما يكفيه، فإنه يلزمه الغسل أولًا، لأن التيمم للعدم، ولا يتحقق مع وجود الماء، ولأن الجريح يعلم أن التيمم بدل عن غسل الجرح، والعادم لا يعلم القدر الذي تيمم له إلا بعد الغسل.
وإن تيمم الجريح للحدث الأصغر، فذكر القاضي أنه يلزمه الترتيب. وقال شيخنا: يحتمل أن لا يجب هذا الترتيب، لأن التيمم طهارة مفردة، كما لو كان الجريح جنبًا، ولأن فيه حرجًا فيندفع بقوله: ﴿ما جعل عليكم في الدين من حرج﴾ . ١ وحكى الماوردي عن مذهب الشافعي مثل هذا. وإن وجد ما يكفي بعض بدنه، لزمه استعماله، وتيمم للباقي إن كان جنبًا، نص عليه. وفيمن وجد ما يكفيه لوضوئه وهو جنب، قال: يتوضأ ويتيمم؛ وهذا قول عطاء وأحد قولي الشافعي، وبه قال الحسن والزهري ومالك وابن المنذر. والقول الثاني للشافعي: يتيمم ويتركه، لأنه لا يطهره كالمستعمل. ولنا: قوله: ﴿فلم تجدو ماء﴾، ٢ وخبر أبي ذرّ: "فإذا وجدته
_________
١ سورة الحج آية: ٧٨.
٢سورة النساء: آية: ٤٣.
1 / 68