ويعمم بدنه بالغسل، لقوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾، ١ وقوله: ﴿حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ . ٢ ويستحب إمرار يده على بدنه، ولا يجب إذا تيقن وغلب على ظنه وصول الماء؛ وهذا قول الشافعي وأصحاب الرأي.
وقال مالك: إمرار يده إلى حيث تنال واجب، ونحوه قال أبو العالية. قالوا: لأن الله تعالى قال: ﴿حتى تغتسلوا﴾، ولا يقال: اغتسل إلا لمن دلك، ولنا: قوله: "إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء؛ فتطهرين". ٣ رواه مسلم.
وما ذكروه ممنوع، فإنه يقال: غسل الإناء، وإن لم يدلكه. ولا يجب الترتيب فيه لقوله: ﴿فاطهروا﴾، وقوله: ﴿حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾، ولا نعلم في هذا خلافًا. ولا يجب فيه موالاة، نص عليه؛ وهو قول أكثر أهل العلم. وقال ربيعة: من تعمَّده أعاد الغسل، وهو قول الليث.
وإذا بقيت لمعة لم يصبها الماء، فمسحها بيده أو شعره، فروي عن أحمد أنه سئل: عن حديث العلاء بن زياد: "أنه ﷺ اغتسل فرأى لمعة لم يصبها الماء، فدلكها بشعره"، ٤ فقال: نعم، أخذ به. وروي عنه: يأخذ لها ماء جديدًا، فيه حديث لا يثبت، يعصر شعره. وذكر له حديث ابن عباس: "أنه ﷺ عصر لمته على لمعة"، فضعّفه ولم يصححه.
ونص أحمد على أنها تنقض الشعر في غسل الحيض. قيل له: كيف، وهي لا تنقضه من الجنابة؟ قال: حديث أسماء "عن النبي ﷺ أنه قال: تنقضه". وهو قول طاووس والحسن وأكثر العلماء، لحديث عائشة. وللبخاري فيه: "انقضي رأسك وامتشطي". ٥ وقيل: "مستحب"، روي عن عائشة وأم سلمة؛ وهو قول مالك والشافعي وأصحاب
_________
١ سورة المائدة آية رقم: ٦.
٢ سورة النساء آية رقم: ٤٣.
٣ مسلم: الحيض (٣٣٠)، والترمذي: الطهارة (١٠٥)، والنسائي: الطهارة (٢٤١)، وأبو داود: الطهارة (٢٥١)، وابن ماجة: الطهارة وسننها (٦٠٣)، وأحمد (٦/٢٨٩، ٦/٣١٤)، والدارمي: الطهارة (١١٥٧) .
٤ ابن ماجة: الطهارة وسننها (٦٦٣)، وأحمد (١/٢٤٣) .
٥ البخاري: الحيض (٣١٦)، ومسلم: الحج (١٢١١)، وأحمد (٦/١٦٣، ٦/١٧٧) .
1 / 60