من مراسيل أبي العالية. ومالك والشافعي أوجباه بمس الذكر، بحديث مختلف فيه معارض بمثله. فإن شرب من لبنها فعلى روايتين: إحداهما ينقض، لحديث أسيد بن حضير، رواه أحمد. وعن ابن عمر مثله. والثانية: لا وضوء عليه، لأن حديث أسيد فيه الحجاج بن أرطاة، وحديث ابن عمر فيه عطاء بن السائب، وقد اختلط في آخر عمره.
وإن أكل من كبدها وطحالها، فعلى وجهين: أحدهما: لا ينقض. والثانية: ينقض، لأن اللحم يعبر به عن جملة الحيوان، كلحم الخنزير.
(الثامن) الردة عن الإسلام: قال ابن المنذر: أجمع من نحفظ قوله على أن القذف وقول الزور لا ينقض. وقد روينا عن غير واحد من الأوائل أنهم أمروا بالوضوء من الكلام الخبيث، وذلك استحباب. وثبت أنه ﷺ قال: "من حلف باللات، فليقلْ: لا إله إلا الله"، ١ ولم يأمره بالوضوء.
ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث، أو تيقن الحدث وشك في الطهارة، بنى على اليقين؛ وبهذا قال عامة أهل العلم. وقال مالك: إذا شك في الحدث، إن كان يلحقه كثيرًا فهو على وضوئه، وإلا توضأ؛ ولا يدخل في الصلاة مع الشك. ولنا: حديث أبي هريرة، وفيه: "فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا". ٢ رواه مسلم.
ومن أحدث حرُم عليه مسّ المصحف، وأباحه داود، لأنه ﷺ كتب إلى قيصر آية. ولنا: قوله: ﴿لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ﴾ . ٣ وفي كتاب عمرو بن حزم: "أن لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر". ويجوز تقليبه بعود ومسّه به وكتب المصحف بيده من غير أن يمسّه. وذكر ابن عقيل في ذلك كله، وفي حمله بعلاقته روايتين، والصحيح
_________
١ البخاري: تفسير القرآن (٤٨٦٠) والأدب (٦١٠٧) والاستئذان (٦٣٠١) والأيمان والنذور (٦٦٥٠)، ومسلم: الأيمان (١٦٤٧)، والترمذي: النذور والأيمان (١٥٤٥)، والنسائي: الأيمان والنذور (٣٧٧٥)، وأبو داود: الأيمان والنذور (٣٢٤٧)، وابن ماجة: الكفارات (٢٠٩٦)، وأحمد (٢/٣٠٩) .
٢ مسلم: الحيض (٣٦٢)، والترمذي: الطهارة (٧٥)، وأبو داود: الطهارة (١٧٧)، وأحمد (٢/٣٣٠، ٢/٤١٤)، والدارمي: الطهارة (٧٢١) .
٣ سورة الواقعة آية: ٧٩.
1 / 53