فتمضمض واستنشق بكف واحدة، واستنثر بيساره. فعل ذلك ثلاثًا. ثم ذكر سائر الوضوء. ثم قال: إن النبي ﷺ توضأ لنا كما توضأت لكم" رواه سعيد.
ولا يجب الترتيب بينهما وبين الوجه، لكن يستحب، لأن الذين وصفوا وضوءه ﷺ ذكروا أنه بدأ بهما إلا شيئا نادرًا.
وهل يجب الترتيب بينهما وبين سائر الأعضاء؟ على روايتين: إحداهما: يجب. والثانية: لا، لما روى المقدام: أنه ﷺ أتي بوضوء فذكره، وفيه: "أنه تمضمض واستنشق بعد غسل الوجه واليدين". رواه أبو داود. وهما واجبان في الطهارتين. وعنه: الواجب الاستنشاق وحده فيهما، وبه قال ابن المنذر لقوله: "إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر". ١ متفق عليه. وعنه: واجبان في الكبرى دون الصغرى. وقال مالك والشافعي: مسنونان فيهما، لحديث: "عشر من الفطرة"، ٢ والفطرة: السنة. ولنا: حديث لقيط: "إذا توضأت فتمضمض". رواه أبو داود. وكل من وصف وضوءه ذكر "أنه فعلهما"، ومداومته تدل على وجوبهما، لأن فعله يصلح أن يكون بيانًا لأمر الله، وكونهما من الفطرة لا ينفي وجوبهما، كالختان.
ثم يغسل وجهه ثلاثًا، وحدّه: من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولًا مع ما استرسل من اللحية، ومن الأذن إلى الأذن عرضًا. ولا اعتبار بالأصلع الذي ينحسر شعره عن مقدم رأسه، ولا بالأقرع الذي نزل شعره إلى وجهه، بل بغالب الناس.
وقال مالك: ما بين اللحية والأذن ليس من الوجه، ولا يجب غسله. قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا من فقهاء الأمصار قال بقول مالك هذا.
ويدخل في الوجه العذار وهو: الشعر الذي على العظم الناتيء سمت صماخ الأذن، والعارض الذي تحته نابت على الخد واللحيين، والذقن الذي على مجمع اللحيي؛، فهذه الشعور الثلاثة من الوجه. فأما الصدغ وهو: الذي فوق العذار فالصحيح أنه من
_________
١ البخاري: الوضوء (١٦٢)، ومسلم: الطهارة (٢٣٧)، والنسائي: الطهارة (٨٨)، وأحمد (٢/٢٤٢، ٢/٢٨٩، ٢/٣١٦، ٢/٤٠١)، ومالك: الطهارة (٣٣) .
٢ مسلم: الطهارة (٢٦١)، والترمذي: الأدب (٢٧٥٧)، والنسائي: الزينة (٥٠٤٠، ٥٠٤١، ٥٠٤٢)، وأبو داود: الطهارة (٥٣)، وابن ماجة: الطهارة وسننها (٢٩٣)، وأحمد (٦/١٣٧) .
1 / 34