من قدح فيه فضة ولا ضبة". وكره الشرب في الإناء المفضض عطاء وسالم، ولعلهم كرهوا ما قصد به الزينة أو كان كثيرًا.
ويباح طعام أهل الكتاب واستعمال آنيتهم، قال: وهل يكره؟ على روايتين:
إحداهما: لا يكره لقوله: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾، ١ وحديث ابن المغفل، و"توضأ عمرُ من جرة نصرانية".
والثانية: يُكره، لحديث أبي ثعلبة المتفق عليه. وأما ثيابهم، فما ولي عوراتهم كالسراويل فروي عن أحمد أنه قال: أحب إلي أن يعيد إذا صلى فيه. وأما غير أهل الكتاب، فحكم ثيابهم حكم ثياب أهل الذمة عملًا بالأصل. وأما أوانيهم، فمذهب الشافعي أن حكمها حكم أواني أهل الكتاب، "لأنه ﷺ توضأ من مزادة مشركة". وقال القاضي: "لا يستعمل ما استعملوه منها إلا بعد غسله"، لحديث أبي ثعلبة. ولا نعلم خلافًا في إباحة الثوب الذي نسجوه. وتباح الصلاة في ثياب الصبيان والمربيات وثوب المرأة الذي تحيض فيه، "لصلاته ﷺ وهو حامل أمامة"، والتوقي لذلك أوْلى لاحتمال النجاسة.
ولأبي داود عن عائشة: "كان رسول الله ﷺ لا يصلّي في شعرنا ولحفنا". ٢ ولا يجب غسل الثوب المصبوغ في حُب الصبّاغ، مسلمًا كان أو كتابيًا؛ فإن علمت نجاسته طهر بالغسل ولو بقي اللون، لقوله في الدم: "الماء يكفيك، ولا يضرّك أثره". ٣ رواه أبو داود. ويستحب تخمير الأواني وإيكاء الأسقية، للحديث.
_________
١ سورة المائدة آية: ٥.
٢ الترمذي: الجمعة (٦٠٠)، والنسائي: الزينة (٥٣٦٦)، وأبو داود: الصلاة (٦٤٥)، وأحمد (٦/١٢٩) .
٣ أبو داود: الطهارة (٣٦٥)، وأحمد (٢/٣٦٤) .
1 / 17