وخصصناه بالخلوة لقول عبد الله بن سرجس: "توضأ أنت ههنا، وهي ههنا. فأما إذا خلت به فلا تقربنه". وفيه رواية: "يجوز، لحديث ميمونة". فإن خلت به في إزالة النجاسة، ففيه وجهان. وإن خلت به في بعض أعضائها أو تجديد أو استنجاء، فوجهان. وإن خلت به الذمية في غسل الحيض، فوجهان: أحدهما: المنع لأنها أبعد عن الطهارة، وقد تعلق به إباحة وطئها. والثاني: الجواز، لأن طهارتها لا تصح. ويجوز للرجل والمرأة أن يغتسلا ويتوضآ من إناء واحد من غير كراهة.
ولا يجوز رفع الحدث إلا بالماء. وقال عكرمة: النبيذ وضوء من لم يجد الماء. وعن أبي حنيفة كقول عكرمة، لحديث ابن مسعود: "ثمرة طيبة وماء طهور". ١ ولنا: قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾، ٢ أوجب الانتقال إلى التيمم عند عدم الماء، وحديثهم لا يثبت. فأما غير النبيذ، فلا نعلم بين أهل العلم خلافًا أنه لا يجوز الوضوء به، غير ما ذكرنا في الماء المعتصر.
القسم الثالث: نجس، وهو ما تغير بمخالطة النجاسة؛ فهو نجس بالإجماع؛ حكاه ابن المنذر. فإن لم يتغير، وهو يسير، فهل ينجس؟ على روايتين:
إحداهما: ينجس، لحديث القلتين، وتحديده بهما يدل على نجاسة ما دونهما وإلا لم يكن مفيدًا، "ونهى النبي ﷺ القائم من نومه عن غسل يده في الماء"، فدل على أنه يفيد منعًا، و"أمر بغسل الإناء من ولوغ الكلب وإراقة سؤره"، ولم يفرق بين ما تغير وبين ما لم يتغير.
_________
١ الترمذي: الطهارة (٨٨)، وأبو داود: الطهارة (٨٤)، وابن ماجة: الطهارة وسننها (٣٨٤)، وأحمد (١/٤٤٩) .
٢ سورة المائدة آية: ٦.
1 / 12