مقدمة المؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم °

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما °

الحمد لله الذي اقتضت حكمته وجود الخلق ° وتمييز العقول إتقان نظمه على معرفته دليل الصدق ° وأوقع به التكليف والإخلاص مجازي في دار الحق ° أرسل رسلا بكتب تتلى ° لينظر المتفكر ببصر واعتبار فينتفع بالذكرى ° فينتهي شاكرا مستبشرا بالإيمان وأي بشرى ° صلى الله عليهم وعلى سيدنا محمد صلاة دائمة في الدنيا ودار الأخرى.

أما بعد فلما كانت معرفة أحكام الله تعالى سبب السعادة الأبدية في الحسنى ° ومحتاجا إليها دينا ودنيا ° مع إنها لا تكاد فروعها تتناهى ° نيطت بأدلة كلية ° وعلل تفصيلية ظنية ° ليسنتبط منها الحاجة موصولا بمقدمات يرجعون إليها عند الاختلاف فسموها أصول الفقه ° وكان كتاب العدل المنسوب إلى الإمام الحافظ أبي يعقوب يوسف الوارجلاني أكمل ما صنفت أصحابنا فيه لكنه صعب المرام ° لكثرة الكلام ° استعنت الله في اختصاره ° مع فوائد من غيره ° وأرغب إليه أن يخلص لوجهه وان ينفع به ° وهو حسبي ونعم الوكيل.

المؤلف

مقدمة حد أصول الفقه

العلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية .

Shafi 7

العلم ادراك الشيء بحيث لا يحتمل النقيض خلافا لمن قال لا يحد ° وهو ضربان : قديم صفة ذات الله تعالى ° ومحدث إما متعلق بمفرد ويسمى تصورا ° وإما بنسبة ويسمى تصديقا ° وكل واحد منهما إما ضروري أو كسبي .

أما الأول فكالمشاهدة الباطنة ° والعقليات والحس الظاهر والتجربيات والمتواترات .

واما الثاني فكل مالا يحصل إلا بطلب وطرقه : إما حس ظاهر أو باطن وعقل أو نقل .

والكسبي هو النظري ° والنظر الفكر وهو الذي يطلب به علم أو ظن .

ومقدمات البرهان إن كانت قطعية فالنتيجة قطعية وإلا فظنية واعتقادية والاعتقاد وصول النفس إلى معنى يحتمل النقيض لو ذكر .

والظن رجحان المعنى المدرك عن النقيض .

والوهم رجحان نقيض المعنى المدرك .

والشك تساويهما .

والعقل جوهر بسيط لا يقبل التغيير ، والنفس جوهر بسيط يقبل التغيير ° وقيل العقل علوم ضرورية.

والدليل لغة المرشد .

وفي الاصطلاح ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري والدال الناصب للدليل وهو الله تعالى .

والدلالة تعيين اللفظ بإزراء المعنى لنفسه .

واللغة كل لفظ وضع لمعنى .

فصل

والصحيح إن ابتداء وضعها محتمل للتوقيف والمواضعة ° ورابعها القدر المحتاج إليه توقيف ° والباقي محتمل ° وقيل بالعكس ° وقيل دلالة الألفاظ لذواتها ° ولا خلاف في قياس ما ثبت تعميمه بالنقل أو بالاستقراء كالرجل ورفع الفاعل والصحيح ان غيرهما لا يثبت قياسا خلافا لابن شريج والباقلاني لان اللغة لا تثبت بالاحتمال أي لا يسمى مسكوت عنه باسم معنى لمعنى يستلزمه وجودا وعدما كالسارق للنباش للأخذ خفية .

Shafi 8

فصل ان دل اللفظ على جزء معناه يسمى تضمنا وعلى خارج يسمى التزاما ° وعلى كماله يسمى مطابقة ° وينقسم ذا إلى مركب دال جزءه على جزء معناه ° فان أفاد نسبة فجمله ° وتكون من اسمين أو اسم وفعل ° قيل أو حرف كيا زيد و إلا رجلا في التمني ° ومفرد وهو مالا يدل جزءه على جزء معناه ° فان صلح لان يخبر به ودل بهيئته على زمان ففعل ° وإلا فاسم ° فان لم يصلح فحرف .

تنبيه

الفعل ما وجد مع الاستطاعة ° وأفعالنا خلق من الله واكتساب منا خلافا للمجبرة والقدرية .

وتنقسم إلى الاختيار ° والاضطرار والكراهية ° وفي الشرع إلى واجب ومندوب ومباح ومحظور ومكروه .

والاسم مشتق من السمو لا من السمة خلافا للكوفيين لرجوعه إليه في التصغير ° وإطلاقه على اللفظ مجاز ° وعلى المسمى حقيقة خلافا لقوم إلا في الألقاب ° ولا يسمى الباري باسم لقب . قالوا لنا : ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها . قالوا : ولله الأسماء الحسنى ° أجيب بان المراد بالجمع التسمية واللام كلام له علم لا للتمليك وأيضا ان تشخص معناه فعلم ويسمى جزئيا ° وان كثرت آحاده فكلي ذاتي كالجنس والفصل ° وعرض عام وخاص ° وتمام الماهية النوع فان استوت فمتواطي ° وان تفاوتت فمشكك ° وان تعددت حقيقة في كل واحد فمشترك ° وإلا فبغير مناسبة نقل ° وإلا فحقيقة ومجاز ° وان تعدد اللفظ فمترادف ° وان تعدد فمتباين ° وان كان احد المفردين أكثر آحادا فعام ° والآخر خاص ° وقد يمتنع وجود الأفراد خارجا ° ويمكن ° ويوجد واحد ويمتنع غيره ويمكن ° ويوجد كثير متناه وغير متناه .

Shafi 9

فصل الأصح وقوع المشترك لنقل ايمة اللغة ° ولا يختل مقصود الوضع للقراين وللقصد إلى الإجمال خلافا لقوم ° وهو في القران خلافا لقوم ° كعسعس وقرء ° وفائدته الاستعداد للامتثال عند البيان فصل الأصح أيضا وقوع المترادف وفائدته التوسعة وتيسير النظم ° والأصح في عطشان نطشان ونحوه والحد والمحدود عدم الترادف ° لان الحد يدل على المفردات ° ونطشان لا يفرد ° والأصح وقوع كل واحد من المترادفات مكان الآخر .

فصل

الحقيقة اللفظ المستعمل فيما وضع له في اصطلاحات التخاطب ° والمجاز اللفظ المستعمل في غير ما وضع له في اصطلاح التخاطب على وجه يصح ° وكل واحد اما شرعي أو عرفي أو لغوي ° ولابد في المجاز من علاقة اما السببية أو المسببية أو المشاركة في شكل أو صفة ظاهرة واما كونه عليها قبل أو يؤل إليها أو غير ذلك ويعرف بالنقل وبصحة نفيه وبمبادرة غيره لولا القرنية عكس الحقيقة ° وبعدم اطراده ولا عكس ° وبالتزام تقييده مثل جناح الذل ° وبتوقفه على غيره ° وبجمعه على خلاف جمع الحقيقة ولا عكس ° وينقسم إلى مركب عقلي ومفرد مرسل واستعارة ° ويمتاز عن الكذب بقرينة ° ولا يستلزم كل واحد من الحقيقة والمجاز الآخر على الأصح ° وإلا لكان للرحمن حقيقة وكذا عسى ° والأصح وقوعه خلافا للأستاذ ° وهو في القران خلافا للظاهرية ° وفائدته سهولة لفظه وعذوبته وغير ذلك ° وكلا المجاز والاشتراك خلاف الأصل ° وفي الحقيقة المرجوحة مع المجاز الراجح ثالثها المعادلة ° ووجود الله حقيقة وكذا وجودنا خلافا للناشيء ° ووجوده أولي وواجب بخلاف وجودنا ° والتخصيص أولى من المجاز والإضمار والنقل والاشتراك ° والمجاز أولى من الباقية ثم الإضمار والنقل أولى من الاشتراك ° والتخصيص والإضمار راجعان إلى المجاز .

فصل

اللفظ الذي له معنى اما لا يحتمل غيره وهو النص ° ويحتمله مرجوحا وهو الظاهر ° أو راجحا وهو المتأول ° أو مساويا وهو المجمل .

Shafi 10

فصل الاشتقاق رد أحد اللفظين إلى الآخر لتناسبهما ° وشرط المشتق ان يوافق أصله في المعنى والحروف الأصلية قيل مع تغير ما ° وإطلاق المشتق على المستقبل مجاز ° وعلى الحال حقيقة ° وعلى الماضي ثالثها ان أمكن بقاء معناه فمجاز ° وإلا فحقيقة ° ونحو الأسود من المشتقات يدل على صفة مخصوصة وذات مبهمة لا مخصوصة ° ويشتق اسم الفاعل لمن ثبت له الفعل مطلقا سواء قام به كقائم أو لم يقم كخالق ومتكلم وقاتل خلافا لقوم ° وإلا لزم قدم العالم والتسلسل لان الخلق بمعنى المخلوق .

تنبيه

الكلام صفة توجب عدم الخرس وكلام الله صفة ذات له ومعناه ليس بأخرس وفعل له كتبه المنزلة ° وكذا قوله وأمره ونهيه خلافا لقوم ° وكلام البشر تقطيع الصوت بحرف أو حروف .

فصل المعرب واقع في القران خلافا لقوم لمنع صرف نحو إبراهيم للعجمة وضمير انا انزلناه للسورة ° وقوله اء عجمي أي لا يفهم .

فصل يشترط في دلالة الحرف على معناه ذكر متعلقة ° وهذا معنى لا يستقل بالمفهومية ° والواو لمطلق الجمع لا لمعية ولا ترتيب وانما للحصر .

Shafi 11