في ذكر وصية الأقارب وأما وصية الأقربين قال الله تعالى: { إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين } *، فأوجب الله - عز وجل - ذلك على من كان له مال -وخلف خيرا- أن يوصي لأقاربه، واجب عليه ذلك، وإن تركه متعمدا لم يعذر بذلك، وليس له أن يجوز في وصيته ولا يجاوز في وصيته الثلث، لأن الرواية عن النبي - عليه السلام - حين سأله سعد أن يوصي بماله كله فقال: لا، قال فبالنصف؟ قال: لا، قال: فالثلث: قال: الثلث والثلث ثلث أموالكم، عند الموت زيادة في أعمالكم وزادا لكم ولا وصية لوارث أبدا للخبر الوارد عن الرسول - عليه السلام -، لا وصية لوارث، فمن أوصى بشيء من ماله لأحد من ورثته لم يثبت له، وإن زاد في وصيته عن الثلث، ولو حبة لم يجز له ذلك أيضا، والوصية إنما هي لله فيما أمر ولرسوله طاعة لله، فإذا دخل فيها شيء مما قد نهى عنه الرسول - عليه السلام - كان معصية وإثما، وجار في الوصية فليتق الله صاحب الوصية، فإذا أوصى لبعض أرحامه بوصية وترك بعضهم كانت الوصية لمن أوصى له بها، وإن أوصى له بوصية مخصوصة فأوصى للأقربين بشيء مجملا، لم يدخل معهم، لأنه أوصى له منفردا، ولهم مجملا، وقد أوصى له خاصا ولا شيء له، ولكل ما أوصى له به، وتركنا ما اختلفوا فيه من جميع ذلك، ومن أوصى لأخواله وأعمامه كانت عندنا بينهم بالسواء، وقد قيل للعم الثلثان وللخال الثلث، ومن أوصى للأقربين والفقراء كان للأقربين الثلثان وللفقراء الثلث، ومن أوصى للفقراء والأقربين والأيمان كان لأيمانه الثلث وللفقراء الثلث، وللأقربين الثلث، ويجمع للأقربين وما للفقراء ثم يكون للأقربين ثلثا، ذلك على قول، وإن أوصى للأقربين بوصية مفردة وللفقراء بوصية مفردة كان للفقراء ما أوصى لهم به، وللأقارب ما أوصى لهم به، ومن أوصى للفقراء ولم يوص للأقربين بشيء، دخلوا عليهم بالثلثين فأخذوا معهم، وكان للفقراء الثلث، وللأقربين ثلثا الوصية، ومن أوصى للأقربين وعليه دين يستغرق ماله كله ولم يبق منه شيء للوارث فإن الورثة يأخذون ثلثي تلك الوصية إن بقيت بعد الدين، ولا يثبت للموصي لهم إلا ثلث ما بقي بعد الدين، وإن لم يبق وحازها أصحاب الحقوق فإن الورثة يأخذون أيضا الثلثين من ذلك، وإن ترك ذلك أصحاب الحقوق من عندهم لمن أوصى لهم به، لم يدخلوا معه غيرهم، وإن كان مجملا وتركوه للأقربين أخذ كل قريب لم يرث فيها، والورثة أيضا لم يرثوا، والوصية في العتق جائزة، وتخرج من الثلث، والوصية في الصدقة والأيمان والحج والنذور والسبيل والجهاد والرباط، وجميع العرف وللأقربين وللأجنبيين كل ذلك جائز من الثلث، ولا تجاوز الثلث بشيء، وإن خرج من الثلث كان لكل ما أوصى له به، وإن لم يخرج من الثلث نقص عن كل صنف مما أوصى لهم به، يقدر ما نقص من ذلك بالحصة، وإن كان عشرا فعشرا أو ربعا فربعا، إنما ينقص بالقسط والحساب، والعتق في الوصية من الثلث إلا أن يكون رقب ذلك على نفسه في صحته فإنه من جملة ماله، ومن رقب عبدا على الورثة في المرض بوصية، لم يجز للمرقب عليه، والخدمة بين الورثة والعتق، إذا مات المرقب عليه جائز، وإذا أوصى لقرابته وللأجنبيين بوصية يتوصل إلى معرفتها، وبلوغ العلم إليها، فهي ثابتة لمن أوصى له بها، وإن أوصى بشيء لا يوقف عليه ولا يوصل إلى معرفته لم يجز ذلك، والوصية للحمل جائزة، ولا تجوز الوصية لعبد من سيده، لأن ذلك مال يرجع للورثة، ولا وصية لوارث، ولا لعبد وارث، وإن أعتقه في الموت وأوصى له بوصية بعد موته، ثبت له الوصية، وإذا أوصى لقرابته بوصية ثبت ذلك، واختلفوا فيه إذا قال قد أوصيت للأقربين حتى يقول: قد أوصيت لقرابتي، وإذا أوصى للأقربين بوصية كانت على ما عرفنا في بعض القول بينهم بالسوية، وأكثر قول أصحابنا أنهم تقسم درجات على أربع درجات أو أربعة آباء، ويكون انقطاعها عن دانق ونصف، وأول الأقربين ولد الولد، ثم الأجداد، ثم الأخوة، ثم الأعمام، والأخوال، فإذا اجتمعوا قسمت بينهم ويكون انقطاعها عن دانق ونصف، وإن لم يلحق كل الدرجة الآخرة رجعت إلى الدرجة العليا، وقطعت إلى نصف درهم، وإن كثروا في العدد وبلغت الدراهم عليها دانقا، قطعت على ذلك، ويأخذ ولد الولد ثمانية أسهم، والأجداد أربعة أسهم والإخوة سهمين، وأولادهم سهما وإن سفلوا، فكل درجة تأخذ نصف ما يأخذ آباؤهم، ويأخذ العم نصف ما يأخذ آخر واحد من ولد الإخوة، ويأخذ الخال نصف ما يأخذ العم، وللذكور والإناث سواء في باب الوصية، ويأخذ ابن العم نصف ما يأخذ أبوه، وابن الخال نصف ما يأخذ أبوه حتى تفرغ الدراهم كذلك عندهم، فإن عدم ولد الولد أخذ الجد وإن عدم الجد وكان ولد الولد وأخ قام الأخ فأخذ مكان الجد، وقام في ذلك عندهم مقامه، فإن عدم الجد والولد وكان أخ أخذ الأخ ثم العم والخال، وإن لم يكن إلا أعمام وأخوال أخذ الأعمام الثلثين والأخوال الثلث، وعلى القول الأول يأخذ الخال نصف ما يأخذ العم، وولد الخال نصف ما يأخذ الخال، وولد العم نصف ما يأخذ العم، وعم الأب نصف ما يأخذ آخر واحد من ولد العم، كذلك أخوال الأم وأعمام الأب وأخواله كلهم أعمام في الوصية سواء، وأخوال الأم وأعمامها كلهم أخوال في الوصية سواء، وإن كان خال وابن عم أو عم وابن خال قام ابن العم مقام أبيه وأخذ سهم أبيه وكذلك ابن الخال يقوم مقام أبيه ويأخذ سهم أبيه، وقال آخرون يقوم مقام أبيه ويأخذ سهم نفسه أن لو كان أبو حيا، وعن رجل أوصى لأقربيه بثماني لا رياب فضة وترك جدة وجدا، وأخوين وعمين، وخالين، وابني عم، وابني خال، وابن ابن عم، وابن ابن خال، فنظرنا في هذه المسألة فوجدناها تنقسم في ستة وستين سهما، وسقط ابن ابن العم، لسقوط ابن ابن الخال، وناب كل سهم منهم ثمانية عشر فلسا، وفضل من الدراهم اثنا عشر فلسا، تقسم على ستة وستين سهما، أو تعطى أفقرهم والله أعلم*، وجعل ابن العم وابن الخال في درجة واحدة في التضعيف والعطاء، لأنه إذا سقط ابن العم سقط ابن الخال، فافهم ذلك، والقول الذي عليه عمل أصحابنا: أنه إذا عدم العم، وكان ابن عم، وخال أو خالة كانا في العطاء سواء، ولا يأخذ ابن العم سهم أبيه، ولكن يأخذ سهم نفسه، وكذلك أولاد الأخوال، ولكن إذا لحق الخال ولم يبق شيء لابن العم، ولم تنله الوصية لم يسقط الخال لسقوطه، لأنه لم يكن في درجته ولو كانا في العطاء سواء، لأن العم والخال في درجة واحدة والله أعلم، وقيل يجوز للوصي أن يقايض بشيء من الأصل لمن له حق على الهالك، ولو بقي شيء من الحب والتمر إذا كان الأولاد محتاجين له لقوتهم والله أعلم، واختلفوا إذا لم تقسم الوصية حتى يولد من الأقربين مولود، قال قوم يدخلون في الوصية وإن مات قبل القسمة لم يدخل معهم، ومن ولد قبل قسم الوصية ثم مات، فله سهمه يدفع إلى ورثته، وأكثر القول أنه لا سهم له، وهو المعمول به، والغائب من المصر حيث لا ترجى أوبته لا يحسب له، واختلفوا فيه أيضا، وجميع الوصايا لا تجاوز الثلث، ولا وصية لوارث ولا لعبد من سيده، والعبد من غير سيده جائز له الوصية، وتقسم الوصية عندي على القرابة بالسوية، على قول من قال بها وهو أعدل، ومن أوصى له بثمرة نخلة معلومة، وفيها ثمرة فإنما له تلك الثمرة، حتى يتبين له غير ذلك، وإن أوصى له بثمرة نخلة ولا ثمرة فيها فله ثمرتها ما دامت، ومن أوصى له بنخلة بعينها فهي له وثمرتها، إلا أن تكون ثمرة النخلة قد وجب حصادها، وقطع الثمرة فالثمرة للورثة.
Shafi 127