المرأة تجتنب الطيب، والثياب المصبوغة بالورس والزعفران، والزينة والحلي، ولا تغطي وجهها، وتلبس الخفين والنعلين، وليس عليها هرولة ولكن تسرع المشي بين الصفا والمروة، والمرأة الحائض إذا بلغت الميقات فإنها تغتسل، وتجعل ثوبا وقاية لثياب إحرامها، ثم تهلل بالحج والعمرة، وتحرم وتصنع ما يصنع الحاج في كل شيء، إلا الطواف بالبيت، فإنها لا تطوف بالبيت إلا بعد أن تطهر*، فإذا طهرت اغتسلت، وطافت بالبيت لحجها وعمرتها، فمنهم من قال طواف واحد يجزئها لحجها وعمرتها، ومنهم من قال طوافان: طواف للعمرة وطواف للحج، قلت: وتقف مع الناس بعرفات؟ قال: نعم تقف بعرفات مع الناس وترمي الجمار، وتفعل كما يفعل الحاج، من الذبح وأخذ الشعر والوقوف عند المشعر الحرام، كل ما يفعل الحاج، إلا الطواف والزيارة والعمرة فحتى تطهر، وليس عليها أن تسعى بين الصفا والمروة، ولكن تسرع في المشي، فإذا أراد أصحابها الخروج، فإنها لا تخرج حتى تطوف وتودع أيضا، وينتظرها جمالها حتى تطوف، فإن كانت قد قضت الحج ثم حاضت قبل الوداع، فإنها يلزمها لتركها الوداع دم، وأما المستحاضة فإنها تغتسل، وتفعل كما يفعله الحاج من الإحرام، والطواف والوقوف، وترمي الجمار، وكل ما* يلزم الحاج يلزمها وهي بمنزلة الطاهر، وليس هي مثل الحائض، وقال الله تعالى: { واذكروا الله في أيام معلومات } وهن عن قول بعض الفقهاء يوم عرفة ويوم النحر، وأيام التشريق، وقت ما يكون الذبح، والأيام المعدودات هي أيام التشريق، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه، ومن نفر في اليومين قبل اليوم الثالث، فلا إثم عليه، وإنما ينفر بعدما يرمي الجمار بعد الزوال، فإن قعد إلى الليل لزمه القعود حتى يرمي في اليوم الثالث بعد الزوال، ومن مرض ولم يرم الجمار رمى عنه وليه، ومن كان معه نسك المتعة فذبح، وإلا صام ثلاثة أيام في الحج، يوم التروية، ويوم الثاني، ويوم عرفة، وقال من قال يصومهن في العشر وسبعة إذا رجع، قال قوم يصومهن بالأجرة يقول الأجير: إني أشهدكم فاشهدوا، إني قد أجرت نفسي بكذا وكذا، على أن أخرج حاجا عن الهالك فلان بن فلان الفلاني، من بلده إلى بيت الله الحرام، وعلى أن أزور عنه قبر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، من مكة إلى مدينة يثرب، وعلى أن أسلم له عليه وعلى صاحبيه، أبي بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وعلى أن أفعل عنه في هذه الحجة والزيارة، ما يفعله الحاجون والزائرون، من فرض وسنة، وما شاء الله، من المستحب من لدن إحرامهما إلى تمام مناسكها، طاعة لله ولرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومن لزمه دم ولم يجد، فإنه يبعث به إذا وصل إلى منزله ينحر عنه بمكة أو بمنى، أن وجد الهدي إلا أنه لزمه الجزاء في حكم، فلم يجد من يحكم عليه، فإن يرجع إلى بلده، فإذا وجد من يحكم عليه من العدول، بعث به إلى مكة ينحر عنه، ومن لزمه الجزاء من قتل الصيد أو شجر، لم يجز له الأكل من ذلك الجزاء، فإن أكل منه لزمه بدله، وقال آخرون يلزمه ما أكل، ومن خرج لإنسان بحجة بالأجرة، ثم رجع من الطريق قبل أن يؤدي الحجة فعليه رد الدراهم كلها، وليس له عناء، وإن هو رجع حج من قابل، وكان للحجة مدة، فقد أدى ما استؤجر له، وإن كان أخذ الحجة على وجه التطوع، فإنه ما فضل منه بعد قضاء الحج، يرده على أربابه، إلا أن يتموا ذلك له ويتركوه بطيبة أنفسهم، وإن كان أخذ الحجة على وجه الضمان، ثم رجع من الطريق قبل القضاء، فعليه أن يخرج حتى يقضي الحجة، ومن أخذ حجة ثم خرج، ثم رجع فقال قد أديت، فإنه يكون أمينا مصدقا بها في بعض القول، ومنهم من قال يشهد بذلك، في مواضع الحج بعرفات والمواقف بعرفات عند الإحرام، وعند الزيارة أنه قد أحرم بحجة فلان، وأنه واقف بحجة فلان، كذلك عند* الزيارة يشهد أنه قد طاف بالبيت، وقضى حجة فلان، ولا يجوز أن يعطي الحجة عن الميت إلا أمينا مصدقا، فإن لم يوجد ثقة، جاز ذلك، وقيل ليس لأحد أن يحج عن أحد حتى يحج عن نفسه، وقيل إن ذلك إذا كان من الضرورة، فجائز أن يحج بالأجرة، ولو لم يحج عن نفسه، وقالوا لا يحج أحدا إلا عمن يتولاه، وقيل جائز أن يحج عمن لا يتولاه، ولا يدعو له، وقال آخرون إذا حج عمن لا يتولاه، أنه يشترط ذلك الأولياء أنه لا يدعو لميتهم، وقد قيل: إنه لا يجوز له أن يشترط ذلك، وقد قيل إن الحجة يكون أجرها للحاج بها، وللموصي أجر المئونة بالدراهم، وقال آخرون: الحجة كلها للمحجوج عنه، وإنما للأجير عوض عنائه بالدراهم التي أخذها، وبالله التوفيق.
وقيل في الوالي إذا أراد أن يسير إلى الحج، فقالت له رعيته: لا يمكننا أن تكون بلدنا ليس فيها أحد يكتب الحقوق للناس، وربما يمرض أحد منهم فلا يجد أحدا يكتب عليه، وشكوا إلى الإمام ذلك، والذي يكون له والدة وتمنعه من المسير إلى الحج، هل يجوز له الوقوف عن المسير؟ وهل للإمام منعه من ذلك؟ الجواب إن الحج أمره عظيم، ولا ينبغي أن يترك (الوالي)* فرضا قد لزمه لأجل ما يعوق رعيته، إلا أنه لم يكن عليه أداؤه في سنة محدودة، فإذا أراد أن يقف على أن يجد فراغا من أمور المسلمين، وخاف أن يضيع فلا يضيق عليه تأخير ذلك وكذلك الوالدة، القول في ذلك مثل ما تقدم.
Shafi 113