وقيل في امرأة لها شرط سكن، وزوجها يقصر الصلاة في بلدها وهي تتم فيه، فليس لها أن تكون تبعا لزوجها تتم الصلاة في بلده إلا أن يتخذه بلده وطنا فإنه تتم الصلاة في البلدين جميعا، ما لم تهدم شرطها، فإذا هدمت شرطها صارت تبعا لزوجها، وإن رجعت إلى شرطها بعد أن هدمته فليس لها ذلك، وقيل إن المسافر إذا صلى صلاته الأولى في مسجد ثم أقام إمام المسجد الصلاة فإن كان يصلي في موضع قدام إمام المسجد فإنه يتم صلاته الآخرة، وإن كان في موضع خلف الإمام فإنه يقف إلى أن يتم الإمام صلاته ثم يتم صلاته من بعد، وكل مسافر في بلد لابث فيه إلى وقت أو إلى أن يخرج، فأحب أن يصلي كل صلاة في وقتها، ولا أحب أن يجمع في هذا المكان، ولكن كل صلاة في وقتها صلاة المسافر، وقد تنازع الناس في صلاة المسافر فسماها قوم قصرا، وسماها قوم تماما، واتفقوا جميعا على أنها ركعتان، والتنازع بينهم في تأويل الآية، قال الله تبارك وتعالى: { وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة } * والضرب هو السفر والسير، فقالوا كل ضارب في الأرض مسافر، حيث يجب سم السفر صلى صلاة السفر قصرا، وبيان الآية تدل على المراد، قوله: { فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } * قال فهذا إنما يكون القصر مع الخوف، وهو صلاة الحرب، وآخر الآية يدل على ذلك، لقوله: { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلوة الصلاة } * إلى تمام الآية، يدل على ذلك أن القصر في الحرب وأن صلاة السفر هي ركعتان غير قصر، وأن الصلاة نزل فرضها مجملا فبينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعرف أمته صلاة السفر من صلاة الحضر، وصلاة المقيم من صلاة الأعياد، والسنن، وصلاة الجمعة وصلاة الحرب، ولولا ما بينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان للناس إلى معرفة ذلك سبيل، وذكر قوم أن أول فرض الصلاة ركعتان، فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، زيد في صلاة الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتان، فصارت كل واحدة أربع ركعات للمقيم، وكأن الصلاة الأولى تركت بحالها للمسافر إلا صلاة الفجر والمغرب، فلا نقص فيهما ولا زيادة في الحضر ولا في السفر، والذي يحتج بالآية أن صلاة المسافر قصر، يحتج مع ما تقدم من الآية، يحتج أن رجلا سأل عمر بن الخطاب رحمه الله، فقال: يا أمير المؤمنين لم جاز قصر الصلاة في الأمن والله تبارك وتعالى يقول: { إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: قد عجبت مما عجبت فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: »صدقة تصدق الله بها على المؤمنين فاقبلوا صدقته«، ففي هذه الأخبار ما يدل على اتفاقهم على أن صلاة المسافر ركعتان، فمن صلى في سفره أربعا، فقد خالف الكتاب والسنة وعليه البدل، وفيما بيناه فساد لقول من أجاز للمسافر أربع.
الباب السابع والثلاثون
Shafi 66