في ذكر العدة في الطلاق والخلع وغيره وقال الله تعالى: { والطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } * ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن من انقضاء العدة بالولد، والمطلقة واحدة أو اثنتين أو ثلاثا والمختلعة من الزوج بالفدية إذا كانت ممن تحيض، فعدتها ثلاث حيض تامة، أقل كل حيضة ثلاثة أيام، وهي مصدقة في انقضاء العدة في ذلك إذا قالت: إنها قد انقضت عدتها صدقت وقبل قولها، إذا خلالها شهر أقل ما قالوا أو تعسة وعشرون يوما على أنها ثلاث حائض فعشر طاهر، وثلاث حائض وعشر طاهر، وثلاث حائض فذلك تسعة وعشرون يوما، وقد قيل تسعة وثلاثون يوما، لأن الأقراء هاهنا الأطهار، عشر طاهر وثلاث حائض، وعشر طاهر وثلاث حائض، وعشر طاهر وثلاث حائض، فذلك تسعة وثلاثون يوما، هذا أقل ما تصدق فيه المرأة في انقضاء العدة في الحيض، وإذا قالت إنها قد حاضت ثلاث حيضات وانقضت عدتها قبل قولها في ذلك، وإن استمر بها الدم ولم ينقطع عنها فعلى قول أنها تعتد ثلاثة أشهر على أن في كل شهر حيضة ، وقد قيل أكثر أيضا تقعد على ما قالوا، والذي يقول ثلاثة أشهر يحتج يقول الله تعالى: { إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر } *، وإن كانت المرأة قد كبرت وأيست من المحيض أو جارية لم تحض فعدة كل واحدة ثلاثة أشهر، قال الله تعالى: { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر } *، واللائي لم يحضن فهاتان عدتهما كل واحدة ثلاثة أشهر، التي قد أيست من المحيض من الكبر ثلاثة اشهر، والصغيرة التي لم تحض ثلاثة أشهر، والحامل عدتها أن تضع حملها، وهو أجلها في العدة، قال الله تعالى: { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } *، فهذه إذا وضعت انقضت عدتها وهي مصدقة في نفسها في ذلك، متى قالت إنها انقضت عدتها بسقط قبل قولها، أو ولد قبل قولها إذا وضعت سقطا بين الخلق، فقد انقضت عدتها بوضع ما في بطنها من الولد والحمل الذي كان بها، والمرأة التي لم تحض وهي امرأة ثم طلقت، إنها في الاحتياط تعد سنة، تسعة أشهر للحمل وثلاثة أشهر للعدة لتخرج من الشبهة لأنها امرأة لم تحض، وأما الصغيرة فثلاثة أشهر، وإذا كانت امرأة ممن تحيض ثم طلقت فلم تحض فإنها تعتد بالحيض وتقعد عن التزويج حتى تحيض ثلاث حيضات ثم تتزوج، فإن لم تحض لم تنقض العدة ولم تعتد بالشهور حتى تصير في حد النساء اللائي يئسن من المحيض، وإياسهن أن تصبر من الكبر في الحال التي لا يحيض مثلها، وقد اختلفوا في هذا المعنى، وأقول إذا بلغت في الكبر ابنة ستين سنة ولم تحض أترابها فقد أيست من المحيض وتعتد بالشهور ثلاثة أشهر، وقد انقضت عدتها والله أعلم، والتي يجامعها السلطان، فقال بعض: تعتد بحيضة واحدة، وبعض قال: لا عدة عليها، وذو السفاح واجبة عليها العدة ولا بأس بمواعدتها في العدة، وكذلك الأمة لا بأس بمواعدتها في العدة والله أعلم، قال الناسخ وجدت في الأثر عن ابن عباس - رضي الله عنه - إذا حاضت المرأة حيضة واحدة حين بلغت وطلقها زوجها ولم يرجع إليها الحيض أنها تعتد سنة، وكذلك لو رأت الدم يوما أو يومين فعدتها سنة لأن أقل الحيض ثلاثة أيام والله أعلم، والمطلقة لا تخرج من بيتها ولا تبيت في غيرها حتى تنقضي عدتها، وعلى الزوج المطلق لها النفقة ما دامت في العدة ولا يحل له أن يخرجها من بيتها إلا أن تأتي بفاحشة مبينة، والفواحش هو الزنى والقذف، وإن غاب ثم طلقها وتركها، تأكل من ماله بحق الزوجية، ولم تعلم حتى خلالها أكثر من انقضاء العدة فإذا لم يبلغها طلاقه فلا رد عليها فيما أكلت من ماله، وعليها أن تعتد ثلاثة حيض من وقت ما صح معها خبر الطلاق، حتى تستأنف ذلك بقصد ونية، ولو حاضت ثلاث حيضات لم تنقض بهن العدة حتى تستأنف ذلك بقصد، والمطلقة تلبس ما شاءت من الثياب وتطيب وتلبس من الحلي والحرير في العدة جائز ولا حرج عليها، ولا تخرج من بيتها حتى تنقضي عدتها، ولا يحل لها أن تواعد في التزويج وهي في حال عدتها حتى تنقضي العدة، وإن واعدت أحدا في عدتها لم يجز له أخذها ولا يحل لها، وإن تزوجها أحد في العدة فرق بينهما ولا يجتمعان أبدا، وقد كره أصحابنا التعريض للمطلقة في العدة حتى تنقضي عدتها، وقد حرم الله تعالى عقد النكاح في العدة لقوله تعالى: { ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله } *.
الباب السابع والتسعون
في عدة المميتة
وعدة المميتة أربعة أشهر وعشر، إذا مات زوجها تربصت عن التزويج أربعة أشهر وعشر، ولها البروز جائز وليس لها أن تلبس ثياب الصبغ والزعفران، والشوران، ولا تمس الطيب ولا الكحل لزينة، ولا تلبس ثياب الحرير لزينة إلا أن يكون من ضرورة، ولا تكتحل بالإثمد وتكتحل بالدواء، لا يحل لها أن تأكل من مال الميت شيئا، لأنه حين مات زال ماله إلى الورثة، إن أكلت بجهالة أو خطأ أو غلط ضمنت لهم وحسبت ذلك من ميراثها من الزوج، فإن كانت حاملا فلا نفقة لها أيضا إلا في حصتها، فإن لم يكن لها حصة لم تأكل من مال ورثة الهالك شيئا، والله أعلم، وإن كان زوجها غائبا وجاءها خبر موته وقد خلا من الأيام ما تنقضي العدة، فإنها تستأنف العدة بقصد وتربص ونية وتعبد من الله في ذلك، وتعتد أربعة أشهر وعشرا، هذا الذي اختار لها وقد قيل إن عدتها تنقضي بمرور الأيام.
الباب الثامن والتسعون
Shafi 203