وللمتلمس
قال ابن الأعرابي: أخبرني أبو جعفر محمد بن حبيب عن أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي النسابة أن المتلمس إنما سمي بهذا اللقب لقوه:
وذاك أوان العرض حيَّ ذبابه ... زنابيره والأزرق المتلمس
قال أبو محمد القتبي: كان المتلمس ينادم عمرو ابن هند ملك الحيرة هو وطرفة بن العبد، فهجواه فكتب لهما إلى عامله بالبحرين كتابين أوهمهما أنه أمر لهما فيها بجوائز، وكتب إليه يأمره بقتلهما، فخرجا حتى إذا كانا بالنجف إذا هما بشيخ على الطريق في يده خبزٌ يأكل منه وهو يحدث ويتناول القمل من ثيابه فيقتله. فقال المتلمس: ما رأيتُ كاليوم قط شيخًا أحمق.
فقال الشيخ: وما رأيت من حمقي! أخرج خبيثًا، وأدخل طيبًا، وأقتل عدوًا. أحمق والله مني من يحمل حتفه بيده.
فاستراب المتلمس بقوله؛ وطلع عليهما غلام من أهل الحيرة، فقال المتلمس: أتقرأ يا غلام؟ قال: نعم. ففك صحيفته ودفعها إليه؛ فإذا فيها: أما بعد فإذا أتاك المتلمس فاقطع يديه ورجليه وادفنه حيًا.
فقال لطرفة: ادفع إليه صحيفتك يقرؤها، ففيها والله ما في صحيفتي.
قال طرفة: كلا، لم يكن ليجترئ عليَّ. فقذف المتلمس صحيفته في نهر الحيرة وقال
قذفت بها بالثني من جنب كافرٍ ... كذلك أقنو كل قط مضلل
رضيتُ لها بالماءِ لما رأيتها ... يجولُ بها التيارُ في كل جدولِ
كافر نهر كان بالحيرة. وأقنو: أقتني. والقط: الكتاب.
وأخذ نحو الشام، وأخذ طرفة نحو البحرين، فقتله عاملها، فضرب المثل بصحيفة المتلمس، وحرم عمرو بن هند حب العراق على المتلمس، وقال حين هرب إلى الشام:
1 / 30