Zababbun Labarai daga Tatsuniyoyin Turanci
مختارات من القصص الإنجليزي
Nau'ikan
فالتفت إلى الحوذي والحارس بهيئة المعتذر وقلت: «أظن أنه لا بد لي أن أتخلف هنا.»
وكان صاحب الفندق وامرأته وكل من في المكان من خدم وعمال قد سألوا السائق على مرأى ومسمع من بقية من هناك من المتطلعين المتلهفين على الجواب: هل ينوي أن يستأنف السفر فكان جوابه: «نعم سأمضي بها (يريد المركبة) إذا لم يتخل عني جورج.» وكان جورج هذا هو الحارس وكان قد أقسم أن يظل معه. ولهذا راح الرجال يخرجون الخيل.
ولم يكن إقراري بالهزيمة بعد هذا الحديث إعلانا بغير تمهيد، بل الواقع أنه لولا أن مهد لي الحديث طريقي إلى إعلان عزمي لكان من المشكوك فيه - وأنا رجل حيي - أن أجترئ على ذلك. على أن رغبتي قوبلت بالرضى حتى من الحارس والحوذي. ولهذا وبعد أن عززت رغبتي وسمعت ملاحظات شتى من بعض الواقفين وهم يتحادثون، ومن بينها أن: «السيد يستطيع أن يسافر مع البريد غدا. أما الليلة فليس أمامه إلا أن يموت بردا. وأي خير في أن يموت امرؤ بردا؟ آه، ودع عنك دفنه حيا! (العبارة الأخيرة مما زاده رجل هزال على سبيل المزاح، على حسابي، وقد قوبلت أحسن مقابلة).
أقول إني، بعد ذلك رأيت حقيبتي تخرج من المركبة وكأنها جسم متجمد، وبذلت للحوذي والحارس ما فيه رضاهما وحييتهما وتمنيت لهما رحلة موفقة وسفرا سعيدا، ثم تبعت صاحب الفندق وامرأته وخادمه إلى الطبقة الثانية، وأنا خجل من ترك الرجلين يكافحان وحدهما.
وخيل إلي أني لم أر في حياتي غرفة في سعة هذه التي مضوا بي إليها. وكان لها خمس نوافذ عليها ستائر حمراء داكنة تستطيع أن تمتص الضوء من زينة عامة، وكانت رءوس هذه الأستار محلاة بضروب معقدة من النسيج ممتدة على الحائط على نحو عجيب. وقد طلبت أن تكون غرفتي أصغر، فقالوا إنه ليس ثم ما هو أصغر من هذه ولكن في وسعهم أن يضعوا لي سترا متحركا. وجاءوني بستر ياباني عليه صور أناس (يابانيين على ما أظن) يباشرون أعمالا سخيفة وتركوني أشوى أمام نار عظيمة.
وكانت غرفتي هذه على مسافة ربع ميل أو حوالي ذلك من بداية دهليز طويل يفضي إليه سلم عظيم. وقل من يدرون أي عذاب يحدثه هذا لرجل حيي. يؤثر ألا يلتقي بأحد على درجات السلم. وكانت الغرفة أكلح ما جثم على صدري فيه كابوس. وكان كل ما فيها من أثاث ضخما عالي الظهر مستدق الوسط كالمغزل ولا أستثني من ذلك عمد السرير الأربعة والشمعدانيين الفضيين القديمين. وكنت فيها إذا أطللت بوجهي من وراء الستر المتحرك، يهجم علي تيار الهواء كأنه الثور المجنون، وإذا بقيت لا أريم مكاني على مقعدي اشتد علي حر النار وتركتني كالآجرة الجديدة، وكانت الصفة التي فوق الموقد عالية جدا وعليها مرآة سوء، أستطيع أن أقول إنها «متموجة» فكنت إذا وقفت ونظرت فيها أرتني ما ينمو فوق رأسي، وقلما يكون ما فوق الحاجبين منظرا حسنا، وإذا أوليت الموقد ظهري استقبلت قبوا جهما من الظلام فوقي، وفيما وراء الستر لا سبيل إلى تحويل العين عنه، وكانت الأستار العشرة على النوافذ الخمس تتلوى وتمسح الجدران كأنها عش من الديدان العظيمة.
وأحسب أن ما أراه في نفسي لا بد أن يراه في أنفسهم غيري ممن لهم مثل طباعي وفطرتي، ومن أجل هذا أجترئ على القول بأني في أسفاري ما نزلت بمكان قط إلا وددت أن أبادر إلى الخروج منه، فقبل أن أرفع يدي عن عشائي - وكان قوامه دجاجة محمرة ونبيذا معتقا ساخنا - شرحت للخادم بالتفصيل تدابير رحيلي في الصباح: الإفطار ومعه بيان التكاليف في الساعة الثامنة ... والسفر في الساعة التاسعة ... جوادان ... أو إذا احتاج الأمر إلى أكثر فأربعة ...
وكنت متعبا مكدودا، ولكن الليل مع ذلك طال علي حتى لكأنه أسبوع. وكنت في فترات الراحة من الكابوس أفكر في أنجيلا. وضاعف شعوري بالهم والحزن أني في مكان على أقصر طريق إلى «جريتنا جرين.» وما لي أنا وجريتنا جرين؟ ... وحدثت نفسي بمرارة أني لست ماضيا إلى الشيطان عن هذا الطريق، بل عن طريق أمريكا ...
وفي الصباح علمت أن الثلج ظل يسقط طول الليل، ورأيت أنه ما زال يسقط، وأدركت أني في نطاق من الجمد. وما من شيء يستطيع أن يخرج من هذا المكان أو يأتي إليه قبل أن يجيء العمال ويرفعوا الثلج عن الطريق. ومتى يشقونه إلى هذا الفندق؟ لا يعلم أحد.
وصرنا في يوم عيد الميلاد. وهو عيد لا اغتباط لي به في هذا العام في أي مكان على كل حال، فلا قيمة للأمر من هذه الناحية، ولكن احتباسي هنا كان أشبه بالموت بردا، وهو أمر لم يكن لي في حساب. وأحسست بوحشة. ومع ذلك لم أستطع أن أقترح على صاحب الفندق وامرأته أن يأذنا لي في مجالستهما (وكان هذا خليقا أن يسرني) كما لا أستطيع أن أطلب إليهما أن يهديا إلي شيئا من الآنية! وها هنا محل الإشارة إلى سري الأكبر، وأعني به أني رجل شديد الحياء بالفطرة، ومن عادة الرجل الحيي أنه يتوهم أن غيره مثله. لهذا خجلت أن أرجو منهما أن يضماني إلى مجلسهما، بل كبر في وهمي أن هذا قد يحدث لهما ارتباكا شديدا.
Shafi da ba'a sani ba