Zababbun Labarai daga Tatsuniyoyin Turanci
مختارات من القصص الإنجليزي
Nau'ikan
شجرة الميلاد
ثلاثة أفرع (1) الفرع الأول: «نفسي»
احتفظت بسر واحد في حياتي، ذلك أني رجل حيي. وما من أحد يخطر له ذلك، وما من أحد خطر له ذلك، وما من أحد يمكن أن يخطر له ذلك، ولكني بطبيعتي رجل حيي. وهذا هو السر الذي لم تضطرب به شفتاي قبل اليوم.
وفي وسعي أن أحرك نفس القارئ ببيان الأماكن العديدة التي اتقيت أن أذهب إليها، والناس الكثيرين الذين اجتنبت أن أزورهم أو أن أستقبلهم، وما اضطررت أن أتحاماه من المجتمعات لا لسبب سوى أني بطبيعة تكويني، وما بنيت عليه فطرتي، رجل حيي. غير أني أؤثر أن أدع نفس القارئ ساكنة، وأن أمضي إلى غايتي.
وغايتي هي أن أروي ما كان من رحلتي إلى فندق شجرة الميلاد، وما وقفت عليه فيه هناك حيث ضرب علي الجليد نطاقا. وكان ذلك في عام ستظل ذكراه باقية، فارقت فيه «أنجيلا ليث» إلى غير رجعة، وكنت أهم بزواجها، فعلمت أنها تؤثر صديقي الحميم «إدوين»، وكنت منذ عهد التلمذة أقر له فيما بيني وبين نفسي بالتفوق والمزية والرجحان. وقد حز في نفسي تفضيلها له ولكني لم يسعني إلا أن أدرك أن الأمر طبيعي، فحاولت أن أصفح عنهما، وانتويت الرحيل إلى أمريكا، في طريقي إلى الشيطان.
ولم أفض بشيء مما علمت إلى أنجيلا أو إدوين، وقلت أبعث إلى كل منهما بكتاب أضمنه دعائي لهما وعفوي عنهما، ويحمله عامل السفينة إلى صندوق البريد، على حين أكون أنا موليا وجهي شطر العالم الجديد - أقول إني دفنت حزني في صدري، وعزيت نفسي بما وطنتها عليه من التسامح والمروءة، وفارقت كل ما هو عزيز علي، وشرعت في هذه الرحلة الموحشة التي أسلفت الإشارة إليها.
وكان الشتاء على أشد ما يكون قرصا حين غادرت بيتي إلى الأبد، في الساعة الخامسة صباحا. ولا أحتاج أن أقول إني حلقت ذقني على ضوء شمعة، وإن البرد كان يهرؤني هراءة شديدة، وإني كنت أحس كأني قمت من النوم لأشنق، وهو إحساس مقترن عندي بالنهوض قبل الأوان في مثل هذه الأحوال.
وما زلت أذكر جهامة «فليت ستريت»، لما خرجت إليه من حي «التمبل» وكانت ألسنة المصابيح تضطرب من زفيف الرياح النكباء، حتى لكأن الغاز نفسه قد تقبض من البرد. وكنت أرى أعالي البيوت البيضاء، وصفحة السماء المقرورة، والنجوم فيها خفاقة اللمعان، والساعين إلى الأسواق وغيرهم من المبكرين وهم يهرولون ليدور في عروقهم الدم الذي كاد يجمد، وألمح الضوء، وأكاد أحس الدفء من المقاهي القليلة المفتوحة لأمثال هؤلاء الزباين، ولا يسعني إلا أن أشعر بالبرد الذي كان الهواء يجلد به وجهي كالسوط.
وكان باقيا على نهاية الشهر وختام العام تسعة أيام، وكانت السفينة الذاهبة إلى الولايات المتحدة ستغادر ميناء «ليفربول» - إذا كان الجو ملائما - في اليوم الأول من الشهر التالي، فأمامي فسحة من الوقت، فخطر لي أن أزور مكانا (لا داعي لذكر اسمه) على الحدود القصوى لمقاطعة يوركشير. يذكرنيها دائما، ويحببها إلي أني التقيت فيها أول ما التقيت بأنجيلا في بيت ريفي، وقد أحسست أن مما هو خليق أن يخفف لواعجي، أن أودع هذا المكان قبل أن أنفي نفسي، ويحسن أن أقول هنا إني أردت أن أمنع البحث عني قبل إمضاء عزمي، فكتبت إلى أنجيلا ليلا قبل رحيلي - كما كانت عادتي - أقول لها إن عملا لا يحتمل الإرجاء، ستعرف تفاصيله فيما بعد، استوجب سفري وغيابي أسبوعا أو عشرة أيام.
ولم تكن السكة الحديدية الشمالية قد مدت في ذلك الحين، وكان الانتقال والسفر بالمركبات التي أراني أحيانا - كغيري من الناس - أتكلف الأسف على زوال عهدها، وإن كان كل امرئ يفرق من ركوبها ويعده عذابا غليظا. وكنت قد احتفظت بمقعد إلى جانب الحوذي على أسرع هذه المركبات، وكان همي الآن أن أركب شيئا ومعي حقيبتي إلى نزل «البيكوك» في أسلنجتون وهناك أنضم إلى الركب. ولكن الحمال الذي كانت معه حقيبتي روى لي أن كتلا عظيمة من الجليد سابحة منذ بضعة أيام في النهر تلاقت في الليل وصارت معبرا في النهر من «حدائق التمبل» إلى شاطئ «ساري»، فلما سمعت هذا رحت أسأل نفسي «أليس مقعدي إلى جانب الحوذي خليقا أن يضع نهاية سريعة مقرورة لشقائي؟» ولا شك أني كنت محزونا كسير القلب، ولكني لم أكن قد بلغت من ذاك مبلغا يرغبني في الموت بردا.
Shafi da ba'a sani ba