Zababbun Labarai daga Tatsuniyoyin Turanci
مختارات من القصص الإنجليزي
Nau'ikan
وكانت العبارة الأخيرة موجهة إلى بنتها المتزوجة، وهي غادة ساكنة، فيها من أمها دماثتها وطيبها، ولكنها أذكى وأفطن.
وقالت أده (المسز وير): «إني آسفة لأنه يبدو أبعد ما يكون من الصحة.»
فقالت الأم: «إنه لم يكن قط مشرق الديباجة، وحياته ... ولكني سأحدثك عنه (والتفتت إلى المسز لورنج) إنه عزب، وفي رغد من العيش، و - هل تصدقين؟ - يعيش وحده في حي زري من أحياء لندن. أي حي هو يا أده؟» - «شارع حقير في اسلنجتون.» - «نعم، هناك يعيش، في مسكن وضيع - ولا بد أن يكون غير صحي - لا لشيء سوى أنه يريد أن يحيط علما بحياة الفقراء والمساكين، وليكون بذلك أقدر على معونتهم. أليست هذه بطولة؟ وقد وقف حياته على هذا على ما يظهر فما يلتقي به أحد في مكان آخر. وأحسب أن بيتنا هو الوحيد الذي يظهر فيه للناس. حياة نبيلة! ولا يخوض فيها بكلام، أو يشير إليها بحرف، وإني لواثقة أنك لم يخطر لك أن هذا هكذا من حديثه على المائدة!»
فقالت المسز لورنج مستغربة: «لم يخطر لي قط. على أنه لم يكن كثير الكلام، وقد استطعت أن أعرف أن أكبر ما يعنيه، زخرفة الخشب، والسياسة الخارجية.»
فضحكت المسز وير وقالت : «هو بعينه! لما كنت طفلة كان يصنع لي لعبا شتى جميلة بمنشاره، ولما كبرت كان يحدثني عن التوازن الدولي! ومن يدري؟ لعله يكتب مقالات افتتاحية في الصحف، يا أمي!»
فقالت الأم: «يا بنيتي العزيزة، ما من شيء يستغرب من المستر تمبرلي! وإنها لحياة جديدة هذه التي يحياها بعد حياته في الريف. لقد كان له بيت صغير جميل قرب بيتنا في بيركشير. وليس يسعني إلا أن أعتقد أن وفاة زوجي هي التي حملته على مغادرته وتركه، فقد كان وثيق الصلة به وصديقا حميما له. فلما مات زوجي وتركنا بيركشير اختفى المستر تمبرلي - حوالي سنتين - ثم التقيت به مصادفة في لندن. ومن رأي أده أنه لا بد أن يكون قد خاب له أمل في حب.»
فقالت بنتها: «يا أمي العزيزة، لقد كان هذا تأويلك أنت لاختفائه لا تأويلي أنا.»
قالت الأم: «صحيح؟ ربما! إن الإنسان لا يسعه إلا أن يلاحظ أنه قاسى بعض الآلام. وقد يكون هذا من أثر عطفه على الفقراء والمساكين الذين وقف عليهم حياته! رجل عجيب!»
وسمعن أصوات رجال عند باب الغرفة، فتطلعت المسز لورنج إلى رؤية هذا الرجل الشاذ. وكان هو آخر من دخل، وهو طويل، وفي كتفيه انحناء، ونحيل وغير رشيق، وفي خطوته اضطراب وفي مشيته تردد، وبه حياء ظاهر، وعينه الرقيقة النظرة كثيرة التلفت هنا وهنا، وفي خط الحاجب ما يشي بالتردد والضعف، وفي الابتسامة التي تخفق على شفتيه ما ينم على وهن الشخصية بل امحائها. وكان شعره قد بدأ يخف ويشيع فيه البياض، وكان شارباه كثيفين وأليق بوجه أصرم وأحزم. وكان وهو يدخل الغرفة، أو يتسلل إليها، لا تزال كفه تنقبض وتنبسط على نحو يغري بالضحك، وقد أفرده بين الرجال أنه كان في هيئة ما يمكن أن يوصف بأنه انطفاء اللمعة، أو ذهاب الصقل، وإن كان لا يبلغ حد الرثاثة، فإذا أحد المرء النظر إليه تبين أن ثيابه السوداء مفصلة على طراز يرجع إلى بضع سنوات مضت، وكان قميصه ناصع البياض، ولم يكن يتخذ من الحلي أكثر من أزرار بسيطة على كميه وصدره.
ومضى إلى ركن، وكان خليقا أن يبقى فيه وحده، في سلام، لولا أن المسز وير جرت كرسيها إلى جانبه.
Shafi da ba'a sani ba