Zababbun Labarai daga Tatsuniyoyin Turanci
مختارات من القصص الإنجليزي
Nau'ikan
يسمون في ذلك الزمان - وقعدوا القرفصاء في حلقة، وأنشئوا يعزفون برقة وعذوبة على قيثاراتهم ويحركون أجسامهم على أنغامها ويغنون، وكأنما يهمسون صوتا شجيا، وكانوا إذا أخذت عيونهم دون بدرو، يزلقونه بأبصارهم متسخطين متجهمين، وربما بدا على بعضهم الذعر، فقد شنق اثنين من قبيلتهم في سوق سيفيل بدعوى أنهما من السحرة، ولكن الأميرة كانت تفتنهم وتسحر ألبابهم وهي مضطجعة ومشخصة ببصرها إليهم لا تصرفه عنهم من فوق مروحتها، وكان يقينهم وهم يلحظونها أن من كان له مثل جمالها لا يمكن أن تكون فيه قسوة أو جبروت. ومن أجل هذا جعلوا يعزفون برقة ولا يكادون يلمسون أوتار القيثارات بأظافرهم الطويلة المحددة، وكان رءوسهم تخفق كأن النعاس يغالبها ويثنيها. وإذا بهم ينتفضون ويثبون إلى أقدامهم فجأة ويطلقون صيحة عالية مجلجلة ذعر منها الأطفال، وانثنت يد دون بدرو إلى مقبض خنجره المحلى، وانطلقوا كالعاصفة يعدون حول الساحة ويقرعون طبولهم، ويضربون بدفوفهم، ويغنون صوتا فيه غزل جامح بلغتهم الغريبة. ثم أومأ إليهم رئيسهم فارتموا على الأرض كرة أخرى والتزموا السكون فلم يكن يسمع إلا هزيج الأوتار الخفيف. وكرروا هذا عدة مرات اختلفوا بعدها، ثم برزوا يجرون دبة كثيفة الشعر، من سلسلة، وعلى أكتافهم قردة صغار. ووقفت الدبة على رأسها، ولعبت القردة المفطومة ألعابا شتى مسلية، مع اثنين من الغجر كانا على ما يظهر هما اللذان يدربانها، فكانت القردة تتضارب بسيوف صغيرة قصيرة وتطلق بنادق، وتقوم بالتداريب العسكرية المنتظمة كما يفعل حرس الملك سواء بسواء. فكان الغجر موفقين وفازوا بإعجاب المشاهدين أجمعين.
ولكن أمتع الملاهي كلها بلا شك رقص القزم الصغير، فما كاد يدخل الساحة متعثرا، ويمشي متكفئا في جانبيه، متخلعا يهز منكبيه، ويميل رأسه العظيم المشوه الخلق في هذه الناحية مرة، وفي تلك مرة أخرى، حتى ضج السامر بصيحات الجذل، وراحت الأميرة نفسها تضحك وتكركر مستغربة في ذلك حتى اضطرت وصيفتها أن تذكرها بأن هناك سوابق في إسبانيا تجيز أن تبكي ابنة الملك على مرأى من أترابها ولداتها، ولكنه ليس هناك ما يبيح لأميرة من نسل الملك أن تظهر مثل هذا الطرب والسرور على مرأى ممن هم دونها مولدا وأصلا. ولكن الحقيقة أن القزم كان وقعه في النفس لا يغالب أو يقاوم، وقد كان البلاط الإسباني مشهورا بحبه للفظيع والشنيع، ولكن مثل هذا المخلوق العجيب لم ير فيه من قبل. وكانت هذه أول مرة ظهر فيها القزم، فما عثروا عليه إلا في اليوم السابق، وكان يعدو في الغابة، واتفق أن كان اثنان من النبلاء قد خرجا للصيد والقنص في ناحية قصية من الغابة العظيمة المحيطة بالمدينة، فحملاه معهما إلى القصر، هدية لم تكن في الحسبان، للأميرة، وكان أبوه رجلا فقيرا، فسره أن يتخلص من طفل دميم مشوه مثله، لا خير فيه ولا جدوى منه. ولعل أبعث ما في الغلام على التسلية والمسرة أنه كان غافلا ذاهلا عن دمامته وقبح منظره، لا يدري من هذا الأمر شيئا، بل لقد كان بين السعادة واضح الابتهاج والمرح، وكان إذا ضحك الأطفال، يضحك مثلهم وبه ما بهم من خفة الفرح والجذل، وكان في آخر كل رقصة ينحني لهم أغرب انحناء وأدعاه إلى الضحك، ويبتسم ويهز رأسه لهم كأنما كان واحدا منهم، لا خلقا مشوها صاغت منه الطبيعة ضحكة للآخرين. وقد سحرته الأميرة واستولت على هواه، فكان لا يستطيع أن يحول عينه عنها، وكأنما كان يختصها برقصه، وفي آخر اللعب تذكرت الأميرة أنها رأت سيدات البلاط يلقين طاقات الزهر على كافاريللي المغني الإيطالي المشهور، الذي اختاره البابا من رجال هيكله الخاص وبعث به إلى مدريد ليذهب من حزن الملك ويجلد قلبه على مصابه، بحلاوة صوته وعذوبة غنائه، فانتزعت من شعرها الوردة البيضاء، على سبيل المزاح من ناحية، ولتكايد الوصيفة وتعابثها من ناحية أخرى، ورمت بها إلى القزم في الساحة وهي تفتر له عن أعذب ابتساماتها، فتناولها جادا، وأهوى عليها بشفتيه الغليظتين الخشنتين، ووضع يده على قلبه، وجثا على ركبتيه أمامها، وفمه مفتوح من أذن إلى أذن، وعينه تلمع سرورا، فغلب الضحك الأميرة حتى لقد ظلت ترجع فيه بعد أن خرج القزم من الساحة بزمان طويل، وأعربت لعمها عن رغبتها في أن تعاد الرقصة، ولكن الوصيفة قالت إن الشمس حامية جدا، ورأت أن الأصوب أن ترجع الأميرة من تؤتها إلى القصر، حيث أعد مقصف فاخر لها، وكعكة بديعة لعيد ميلادها، سطرت عليها الحروف الأولى من اسمها بالسكر الملون، ورفع فوقها علم جميل من الفضة. فنهضت الأميرة، وأمرت أن يرقص لها القزم مرة أخرى بعد أن تأخذ حظها من الراحة، وشكرت للكونت الصغير ده تييرا نويفا (الأرض الجديدة ) حسن استقباله لها وحفاوته بها، وعادت إلى الجانب المفرد لها في القصر، يتبعها الأطفال على الترتيب الذي جاءوا به. •••
ولما سمع القزم أن عليه أن يرقص ثانية أمام الأميرة، وأن هذا هو أمرها الصريح فرح فرحا عظيما، وامتلأت نفسه زهوا، فخرج يعدو إلى الحديقة وجعل يبوس الزهرة البيضاء من فرط سروره وابتهاجه، ويأتي من حركات الجذل والخفة أغربها وأبعدها من الظرف والرشاقة.
وقد أغضب «الأزهار» أنه اجترأ على التطفل عليها في حديقتها الجميلة، ولما رأته يقفز في المماشي والممرات، وهو يروح ويجيء فيها، ويلوح بذراعيه فوق رأسه على نحو سخيف، لم تستطع أن تكبح شعورها.
فقالت أزهار الطوليب: «إنه في الحقيقة دميم جدا، ولا يليق أن يسمح له باللعب في أي مكان نكون فيه.»
وقالت أزهار السوسن القرمزية الكبيرة: «ينبغي أن يسقى عصير الخشخاش وينام ألف سنة»، واضطرمت غلائلها من حدة الغضب.
وصاحت الصبارة: «إنه هولة مفزعة! كل ما فيه أعوج، ناقص، مشوه، وليس بين رأسه ورجليه أي تناسب، وإني لأشعر حين أراه بالوخز في كياني كله، وقد آليت أن أشكه بشوكي إذا دنا مني.»
وقالت شجيرة الأزهار البيضاء: «إن معه زهرة من أجمل أزهاري، وكنت قد أهديتها للأميرة بنفسي هذا الصباح، في عيدها، فسرقها منها.»
وراحت تصيح بأعلى صوت: «لص! لص! لص!»
حتى زهرة الخبيزي المشهورة بالدعة والتواضع، التي يكثر بين ذوي قرباها أهل الفقر والمتربة، سخطت عليه لما بصرت به، ولما قالت أزهار البنفسج إنه حقيقة دميم، ولكن لا حيلة له في هذا، لأنه ليس ذنبه، ردت عليها تلك بأن هذا عيبه، وأنه ليس ثم ما يدعو إلى الإعجاب بمخلوق لا سبيل إلى شفائه من دائه، أو إصلاح عيبه وعلاجه، وقد أحست بعض البنفسجات أن القزم يعرض دمامته مباهيا بها، وأنه كان أمثل به وأدل على حسن الذوق أن يبدي الاكتئاب، أو يظهر على الأقل على هيئة المفكر بدلا من أن يذهب ينط ويقفز مرحا، ويتخذ لنفسه هيئات سخيفة قبيحة.
Shafi da ba'a sani ba