قلت لكم: إن إماما كان زجالا من الطراز الأول، وليت الأستاذ بديع خيري أو الأستاذ رمزي نظيم، وكلاهما من كبار الزجالين، يعنى أحدهما أو كلاهما بأن يبعث عيون أزجال إمام وهو منهما بهذا كل حقيق.
سيداتي، سادتي
ليس من موضوعي على أي حال، البحث في شعر إمام ولا في زجله، وإنما عرضت لهذا لأجلو عليكم صورة واضحة من كفايات الرجل، أما موضوعي فهو إمام المتندر، أو بالعامية الصحيحة، إمام «القفاش».
كان إمام العبد رحمه الله خفيف الروح، حاضر البديهة، مرسل النكتة، لا يكاد يسكن عنها أو يفتر بياض نهاره وسواد ليله، «يقفش» لكل إنسان، ولكل شيء، فإذا لم يجد من «يقفش» له من الناس تحول بهذا إلى نفسه، وإلى خاصة أهله، ولقد كان من ذلك الصنف الولاد، يتناول المعنى الواحد، فلا يزال يجول فيه بالنادرة بعد النادرة، ويستقصيه بالنكتة بعد النكتة، في سرعة ولباقة عجيبتين ، حتى ليضحك الثكلى على حد تعبير الأقدمين! على أنه لم يكن في تطرفه وتندره بعيد المغازي، شأن بعض الذين أوردت أسماءهم عليكم، على أنه قد كانت له ميزة لا أحسب أن كثيرين قد شاركوه فيها، ألا وهي خلق الأحاديث الفكاهية من العدم، لقد يتندر بها على نفسه، أو يتطرف بها على غيره.
ومن المزايا التي ينبغي أن تذكر للرجل أنه كان عفا في مزاجه، لا يفحش ولا يقذع، ولا يتدسس إلى المكاره، بل لعل أشد الناس كان اغتباطا وضحكا من «قفش» إمام، من كان يتولاه «بالقفش» إمام!
سيداتي، سادتي
الآن أروي لكم طائفة من مجونيات إمام العبد في نوادره، لا في نكاته المختصرة، سواء مما شاهدته بنفسي، أو مما رواه لي هو بنفسه، وهنا أرجو أن تأذنوا لي بالتمهيد بين يدي بعض هذه النوادر بذكر بعض الأشخاص أو الملابسات التي اتصلت بها حتى تأخذ النكتة سمتها، وتقع من النفوس موقعها.
قالت الجهاد الغراء: «وهنا أورد المحاضر مرتجلا طائفة مما حضره من نوادر إمام المضحكة التي تدل على قدرته الفائقة على الاختراع والابتكار في هذا الباب، ولم ير تدوينها لأنها إن ظرفت في الحديث، فإنها قد تفتر أشد الفتور في الكتابة والتدوين.»
آداب العراك في الجيل الماضي1
سيداتي، سادتي
Shafi da ba'a sani ba