لا أكذب القراء الخبر، فلقد اجتمعت اليوم لأكتب «حديث رمضان» فإذا بي مفلس لا أصيب زادا، ولا أجد لشأني عدة ولا عتادا، ولست أعني الإفلاس من المال، فهذا شيء قد أزمن وطال ثواؤه، حتى نزل منا والحمد لله منازل العادة، بحيث لو فارقنا لالتمسناه وتفقدناه، ووجدنا له من الشوق والحنين، ما لا يجد في وحدته مالك الحزين،
2
ورحمة الله على المتنبي حين يقول:
خلقت ألوفا لو رجعت إلى الصبا
لفارقت شيبي موجع القلب باكيا!
وبهذا ارتقينا، بفضل الله تعالى، عن مرتبة الرياضة على الصبر، إلى مقابلة المكروه بالحمد والشكر، فبتنا خيرا من كثير عزة حين يقول:
فقلت لها يا عز كل مصيبة
إذا وطنت يوما لها النفس ذلت
فليس الإفلاس المعني إذن إفلاس مال، ولكنه إفلاس مقال! •••
لقد فصحني النهار، وعلي أن أكتب «للجهاد» حديث رمضان، وأنبعث إلى مكتبي فأستوي له، وأبسط القرطاس بين يدي، وأشرع اليراع ثم أهوي به، فإذا هو يتعصى علي ويركب رأسه، ويشرد تارة إلى اليمين وأخرى إلى اليسار، ما يكف له جماح ولا يطامن من نفار!
Shafi da ba'a sani ba