Muhtar Al-Akhbar
مختار الأخبار
Nau'ikan
على البلاد . واتفق الغلاء العظيم الذي لم يسمع بمثله . وانتهى سعر القميح إلى مائة وسبعين درهما الأدب ، والشعير والفول إلى مائة درهم الأدب إلى ما دونها ، وبيع الترمس بأربعين درهما ثقرة الأردب ، وتهالك الناس ، ومستهم الجهد ، وأكلوا الجيف والميتة والكلاب والقطاط . وقيل إن بعض الناس أكلوا أولادهم . ثم أعقب ذلك وباء عظيم ، ومات من الديار المصرية خلق لا تحصى ، وخلا بعض البلاد من سكانها ، وامتلأت الأرض من الأموات بين حيطانها . وكان أكثر من يموت بالقاهرة ومصر لا يجد من يدفنه بل يبقى ملقى على قارعة الطريق إلى أن تأكله الكلاب ، وبعضهم يطرحون على الكيمان . واستمر ذلك من سنة أربع وتسعين إلى سنة خمس وتسعين وستمائة . ولقد شاهدت الناس يبيعون لحم الميتة على باب القراطين ، ورأيت أقواما كلما أخرج شيء من جيف الميتة بادروا بسلخه وأكله . وشمل المحل الوجه الغربي وبرقا وما معها حتى إن أهلها أجفلوا إلى الديار المصرية ، وصادفهم بها الوباء ، فلم ينج منهم أحد. وأما مملوكا العادل المذكوران ، فإنهما أمرا ونهيا وتحكما في الدولة ، وأفسدا نظام المملكة ، وغلبا على رأي مخدومهما ، وأساءا السيرة ، واحتجنا الأموال ، واستهانا بالأمراء ، واستبدا بالآراء . وكان ذلك سببا لتغير الأمراء ، والاتفاق على قتله .
Shafi 102