7 - وحدثني أحمد بن وليد، قال:
((ودعت إسحاق بن نصير العبادي في بعض خرجاتي إلى بغداد، فأخرج إلي ثلاثة آلاف دينار وقال: ((إذا دخلت بغداد، فادفع ألف دينار إلى ثعلب، وألف دينار إلى المبرد، وصر إلى قصر وضاح فانظر إلى أول دكان للوراقين، فإنك تجد صاحبها -إن كان حيا لم يمت- قد شاخ، فاجلس إليه وقل له: ((إسحاق بن نصير يقرأ عليك السلام: وهو الغلام الذي كان يقصدك كل عشية -راجلا من دار الروميين- بدراعة وعمامة ونعل رقيقة. فيستعير منك الكتاب بعد الكتاب، فإذا اقتضيته كراء ما نسخ منه قال: ((اصبر علي إلى الصنع)). فإذا استقرت معرفتي في نفسه دفعت إليه هذه الألف الدينار وقلت له: ((هذه ثمرة صبرك علي)).
قال لي أحمد بن وليد: فلما دخلت بغداد -ودفعت الألفي دينار إلى ثعلب والمبرد-، مضيت إلى قصر وضاح، فألفيت الدكان التي وصف لي قفرا ليس فيه كتاب، ورأيت فيها الشيخ الذي وصفه لي في حال رثة وثياب خلقة، وقد أفضى به الأمر إلى التوريق للناس. فجلست إليه وسألته عن حاله، فقال: ((يا أخي! ما ظنك بحال: ما تتأمله في أحسن ما فيها؟)) ثم خرجنا إلى المسألة إلى أشياء #17# كان فيها خبر إسحاق بن نصير، فقال: ((قد كان يجيئني من دار الروميين غلام -ووصفه- فأسمح له بالنسخة بعد النسخة -يقال له: ((إسحاق))، وكان يعدني في كل شيء يأخذه إلى الصنع، وأخبرت أنه وقع بنواحي مصر وما حصل لي منه شيء!؟ فأخرجت الألف الدينار وقلت له: يقول لك: ((هذه ثمرة صبرك))، فكاد والله يموت فرحا. فقلت له: ((ليست دراهم وهي دنانير!)). وانصرفت عنه وهو أحسن من في سوقه حالا.
قال لي أحمد بن وليد: واجتزت بعد ذلك فرأيت دكانه معمورة، وهو متصدر فيها على أحسن حال وأوفاها)).
Shafi 16