13 - وحدثنا أحمد بن يوسف، قال:
((حبس أحمد بن طولون يوسف بن إبراهيم والدي في بعض داره -وكان اعتقال الرجل في داره يؤيس من خلاصه-، فكاد ستره ينهتك لخوف شمله عليه. وكان له جماعة من أبناء الستر يتحمل مؤنها، مقيمة عليه لا تنقطع إلى غيره. فاجتمعوا -وكانوا زهاء ثلاثين رجلا- فركبوا إلى دار أحمد بن طولون، فوقفوا بباب له يعرف بباب الجبل، واستأذنوا عليه فأذن لهم. فدخلوا إليه، وعنده محمد بن عبد الله بن الحكم وجماعة من أعلام مستوري مصر، فابتدروا كلامه بأن قالوا: ((قد اتفق لنا -أيد الله الأمير- من حضور هذه الجماعة مجلسه، ما رجونا أن يكون ذريعة إلى ما نأمله؛ ونحن نرغب إلى الأمير في أن يسألها عنا، ليقف على منازلنا)). فسألهم عنهم، فقالوا: ((قد عرضت العدالة على أكثرهم فامتنع منها)).
فأمرهم أحمد بن طولون بالجلوس؛ وسألهم تعريفه ما قصدوا له؛ فقالوا: ((ليس لنا أن نسأل الأمير مخالفة ما أمر به في يوسف بن إبراهيم، لأنه أهدى إلى الصواب فيه، ونحن نسأله أن يقدمنا إلى ما اعتزم عليه فيه: إن آثر قتله أن يقتلنا؛ #26# وإن آثر غير ذلك أن يسلف بنا، وهو في حل وسعة منه))، قال: ((ولم ذلك؟))، فقالوا: ((لنا ثلاثون سنة ما فكر في ابتياع شيء مما احتجنا إليه؛ ولا وفقنا بباب غيره. ونحن والله أيها الأمير نرتمض البقاء بعده من السلامة من شيء من المكروه وقع فيه))، وعجوا بالبكاء بين يديه. قال أحمد بن طولون: ((بارك الله عليكم فقد كافأتهم إحسانه وجازيتم إنعامه))، ثم قال: ((علي بيوسف بن إبراهيم))، فأحضر. فقال: ((خذوا بيد صاحبكم وانصرفوا)). فخرجوا معه؛ وانصرف بهم إلى منزله)).
Shafi 25