Takaitaccen Tarihin Dumyat
مجمل تاريخ دمياط : سياسيا واقتصاديا
Nau'ikan
واشتدت الضائقة بالفرنسيين لانقطاع الميرة من دمياط؛ فأرسل الملك لويس إلى السلطان يطلب الصلح ويعرض عليه أن يتنازل عن دمياط مقابل بيت المقدس، ولكن السلطان رفض هذا الطلب، فلم يجد لويس بدا من الاستمرار في المقاومة حتى يستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فأشعل النار في أسلحته وعتاده، ورحل بجيشه - ليلة الأربعاء لثلاث مضين من المحرم سنة 648 (أبريل 1250) - متجها إلى دمياط، ولم يكد يصل إلى فارسكور حتى كانت جيوش المصريين قد لحقت به وانقضت علي جيشه انقضاض الصاعقة فقضت على معظمه، حتى قيل إن من قتل من فرسان الفرنسيين كان أكثر من عشرة آلاف، كما أسر من الخيالة والرجالة والصناع ما يناهز مائة ألف، وارتقى الملك لويس وأمراء جيشه تلا هناك وسألوا الأمان فأمنوا، وأسر لويس وقواده وحمل إلى المنصورة حيث سجن بدار ابن لقمان التي لا تزال بقاياها قائمة حتى اليوم، ووكل بحراسته الطواشي صبيح.
الملك لويس في الأسر بعد هزيمته.
ولم يكن المعظم تورانشاه كأبيه ثباتا واتزانا وحكمة، بل كان شابا أهوج، فلم يقدر لزوج أبيه شجر الدر تدبيرها، ولا للماليك البحرية جهدهم، بل أخذ يهدد شجر الدر ويطالبها بمال أبيه، كما أبعد مماليك أبيه، وقرب إليه حاشيته التي وصلت معه من كيفا، وصار إذا سكر جمع الشمع وضرب رءوسها بسيفه حتى تنقطع، ويقول: «هكذا أفعل بالبحرية.» فتآمر عليه هؤلاء المماليك البحرية واقتحموا عليه البرج الخشبي الذي كان يقيم به في فارسكور، فأدرك الشر في عيونهم، وصعد إلى أعلى البرج، فرموه بالنشاب، وأطلقوا النار في البرج، فألقى بنفسه من أعلاه وجرى نحو النيل فلحقوا به وقتلوه. وكان ذلك في التاسع والعشرين من المحرم سنة 648 (مايو 1250).
وهكذا كاد المصريون يفقدون بهذه الفعلة النصر الباهر الذي أحرزوه ولم يمض عليه غير خمسة وعشرين يوما، ولكن المماليك سرعان ما تداركوا الموقف فأجمعوا على إقامة شجر الدر ملكة على مصر، فكان حدثا فذا في تاريخ العالم الإسلامي كله، كما عينوا الأمير عز الدين أيبك قائدا أعلى للجيش.
وبدأت المفاوضات بين الملك لويس وبين المصريين، وتولاها عنهم الأمير حسام الدين بن أبي علي - نائب السلطنة في عهد الملك الصالح - وتم الاتفاق أخيرا على إطلاق سراح الملك وجميع الأسرى على أن يخلوا دمياط وأن يدفعوا مبلغ أربعمائة ألف دينار فدية للملك، يدفعون نصفها قبل أن يطلق سراحه والنصف الآخر بعد وصولهم إلى عكا. وجمعت الملكة - وكانت مقيمة في دمياط - نصف المبلغ المطلوب، فأطلق المصريون سراح الملك، ودخل المسلمون ثانية إلى دمياط، ورفعوا عليها العلم المصري يوم الجمعة الثالث من صفر، بعد أن ظلت في أيدي الفرنج أحد عشر شهرا وتسعة أيام. وهكذا أقلعت فلول الحملة إلى عكا بعد أن ودعها شاعر مصر جمال الدين بن مطروح بقصيدته المشهورة التي يقول فيها:
قل للفرنسيس إذا جئته
مقال نصح عن قئول فصيح
آجرك الله على ما جرى
من قتل عباد يسوع المسيح
أتيت مصرا تبتغي ملكها
Shafi da ba'a sani ba